في Sunday 1 November, 2020

لبنان يرجع للخلف.. «المحاصصة» تعرقل مشاورات الحريري

كتب : زوايا عربية - متابعات

بعدما ارتفع منسوب التفاؤل بإمكانية تشكيل الحكومة اللبنانية، بداية هذا الأسبوع، عادت الشكوك لتسيطر على أجواء المشاورات السياسية.

شكوك نتجت عن الشروط والشروط المضادة من الأطراف والسباق على المحاصصة الوزارية، خاصة من جهة "التيار الوطني الحر" الذي يرأسه صهر رئيس البلاد النائب جبران باسيل و"الثنائي الشيعي" حزب الله وحركة أمل.

وعكست هذه الأجواء السلبية المواقف والبيانات التي صدرت في الساعات الأخيرة، من قبل مختلف الأطراف، رغم تأكيد رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري أنه يريد تشكيل وزارة اختصاصيين غير حزبيين.

وقالت مصادر مطلعة عن كثب لمشاورات الحكومة لـ "العين الإخبارية"، إن "الاتصالات تكاد تكون مجمدة في اليومين الأخيرين بعد بروز عقد بالجملة كلّها مرتبطة بحصص الأطراف والوزارات التي يريدون الحصول عليها".

ولفتت إلى الخلاف بين رئيسي الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، حول عدد الوزراء، حيث يتمسك الأخير بتشكيل حكومة مصغرة من 18 وزيرا ويدفع عون باتجاه حكومة من 20 وزيرا.

وبحسب المصادر فإن عدة أسباب تقف وراء الخلاف وعرقلة الحكومة، بداية من عدد الوزراء وصولا بالحصص والسباق على الوزارات السيادية (الأساسية) والخدماتية، من وزارة الصحة إلى الأشغال العامة والتربية والطاقة والاتصالات، بحيث أن التوزيع الذي وضعه الحريري انطلاقا من مبدأ المداورة في الحقائب بين الطوائف لاقى اعتراض الأطراف.

وتابعت المصادر: "على سبيل المثال.. بعدما اتفق على أن تبقى وزارة المالية للثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) اعترض الفرقاء الآخرون مطالبين بوحدة المعايير".

كما طالب التيار الوطني الحر الذي يرأسه النائب جبران باسيل بوزارة الطاقة أو وزارات سيادية أخرى، فيما يتمسك وليد جنبلاط رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي الذي سمّت كتلته الحريري في الاستشارات النيابية بالحصول على كل الحصة الدرزية، أي تسمية وزير واحد في حكومة من 18 وزيرا، أو وزيرين في حكومة من 20 وزيرا.

أما باسيل خصم جنبلاط، فقد وعد النائب طلال أرسلان (الذي لم يدعم الحريري) بالحصول على وزارة، ليضمن (باسيل) الثالث المعطل في الحكومة.

وفيما يحاول باسيل وعون الحصول على أكبر عدد من الوزراء المحسوبين على كتلة التيار المسيحي، يطالب رئيس "تيار المردة"، سليمان فرنجية بحصوله على وزارتين، أو واحدة سيادية.

وما بين هذا وذاك، عاد الثنائي الشيعي الذي ضمن الحصول على وزارة المالية، ليطالب بالاحتفاظ بوزارة الصحة التي يطالب بها جنبلاط أو الأشغال التي يريدها "تيار المردة".

أمام كل هذه التعقيدات، تصف المصادر ما يحصل بأنه "اختلاط الحابل بالنابل" الذي أدى إلى تجميد الاتصالات وارتفاع المواقف السلبية ولا سيما من "التيار الوطني الحر" والمحسوبين على الحريري، ما يؤشر إلى التعثّر، فضلا عن أن الحريري الذي اعتاد زيارة عون بشكل شبه يومي لم يلتقه منذ يوم الجمعة.

من هنا لم تستبعد المصادر أن يعمد الحريري رمي الكرة في ملعب عون عبر تقديمه تشكيلة حكومية جاهزة بعد بروز كل هذه العقد، بحيث أن الدستور ينص على أنه على رئيس الجمهورية التوقيع على التشكيلة الحكومية، وبالتالي إذا امتنع يكون رئيس الوزراء المكلف قام بما عليه فعله، وعندها يبنى عندها على الشيء مقتضاه.

وبعدما كان رئيس البرلمان نبيه بري أعلن، منتصف الأسبوع، أن الحكومة قد تشكل خلال 4 أو خمسة أيام، بدأت الأجواء السلبية تظهر في الساعات الأخيرة واستبعد الوزير السابق في "تيار المستقبل" أحمد فتفت تشكيلها قبل الانتخابات الأمريكية.

وشنّ القيادي في "تيار المستقبل" النائب السابق مصطفى علّوش هجوما على باسيل من دون أن يسميه متهما إياه بـ"تعطيل تشكيل الحكومة".

وكتب علوش، على حسابه على "تويتر" قائلا إن: "ولي العهد متخصص بتيئيس الناس بعد كل بارقة أمل فقد أصر على توسيع رقعة التزوير ليحافظ على قدرة التعطيل ويعطل تأليف الحكومة ليكون لكل وزارة غير فاعلة وزير يتحكم به للتعطيل فإن كان رئيس الجمهورية يريد أن يدمّر ما بقي من عهده على رؤوس الناس فعليه أن يتحمل المسؤولية أو يردع صهره".

وقال الوزير السابق أحمد فتفت، في حديث تلفزيوني، إنّ "حزب الله يأخذنا إلى مكان سيكون فيه دمار للدولة بكلّ أطيافها.. الحريري ليس في وارد تشكيل حكومة حزب الله بل إنّ مشروعه هو حكومة مصغرة من اختصاصيين".

وشدد على أنّ "الحريري لم يعد أحداً بشيء بل وعد الجميع بمشروع لن يكون ضدّ أحد أو ضدّ البلد وحزب الله يقف وراء مسرحية رئيس تكتل لبنان القوي النائب جبران باسيل".

ورأى أنّ "المطلوب من سعد الحريري أن يؤلف هذه الحكومة في هذه المرحلة لستة أشهر وفق المبادرة الفرنسية".

من جهته، حمّل النائب في "الحزب التقدمي الاشتراكي" بلال عبدالله، رئاسة الجمهورية وباسيل مسؤولية التعطيل.

واعتبر في حديث تلفزيوني أن "من يدير الأمور في الملف الحكومي يتحمل المسؤولية، وهو مدرك إفشال المبادرة الفرنسية، ويحاول إفشال الحكومة الإنقاذية لإرضاء من في خارج لبنان، في انتظار الانتخابات الامريكية".

وأشار إلى "استحضار عقد جديدة من هنا وهناك، من ضمن ما استحضر ما حكي عن خلاف حول عدد الوزراء بين 18 أو 20 بسبب التوزير الدرزي، وهنا نقول إن طرفا في القصر الرئاسي يستحضر هذه الأخبار ويضعها في الإعلام للإيحاء بأن المشكلة درزية وأن جنبلاط يعطل تشكيل الحكومة، وبالتالي الذهنية القائمة هي هيمنة وسيطرة، ولم يكتفوا بأنهم أوصلوا البلد إلى هذا الدرك المتدني".

واختتم حديثه بالتساؤل: "لماذا يحكي عن إعطاء الداخلية والدفاع لرئيس الجمهورية، وهو فوق كل السلطات؟ لماذا يطالب بحصة؟ واصفا هذا المطلب بأنه" حصة مقنعة للتيار الوطني الحر".