في Wednesday 9 December, 2020

زيارة بابا الفاتيكان التاريخية إلى بغداد.. رسالة سلام لبلد جريح

الرئيس العراقي برهم صالح خلال لقائه البابا في الفاتيكان - الأرشيف
كتب : زوايا عربية - متابعات

لاقت زيارة بابا الفاتيكان المرتقبة إلى العراق ترحيبا واسعا وأصداء إيجابية على مستوى المواقف الرسمية والشعبية التي عدها البعض "تاريخية".

وأعلن قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، الإثنين الماضي، أنه سيزور العراق في 5 مارس/آذار المقبل، في أول زيارة بابوية إلى هذا البلد العربي.

رسالة سلام إلى العراق
وفي معرض تعليقها على الزيارة، قالت وزارة الخارجية العراقية في بيان: "إنَّ زيارة البابا تمثل حدثاً تاريخياً ودعماً لجميع العراقيين بمختلف تنوعاتهم"، واصفةً الزيارة بأنها "تمثل رسالة سلام إلى العراق والمنطقة بأجمعها".

وأضاف البيان أنَّ "زيارة البابا إلى العراق، بلاد ما بين النهرين، وأرض الرسل والأنبياء، وموطن النبي إبراهيم، تمثل حدثاً تاريخياً، ودعماً لجميع العراقيين بمختلف تنوعاتهم".

من جهتها، أكدت سفيرة العراق في روما، صفية السهيل، أن بابا الفاتيكان سيزور عدة مدن عراقية، خلال زيارته المرتقبة في مارس المقبل.

وقالت السهيل، في تصريح صحفي، إنها "التقت البابا في زيارة خاصة خلال يونيو/حزيران الماضي، بعدما رفع الحجر الصحي في إيطاليا، وتحدثت معه طويلا عن أهمية زيارته إلى العراق وأهميتها بالنسبة لجميع العراقيين".

وأضافت السهيل أن "البابا سيزور عدة مدن عراقية خلال زيارته المرتقبة، وهو حريص على التواصل مع جميع العراقيين وليس المسيحيين فقط، كما أن الحكومة العراقية أكدت توفيرها الفرص لتواصله مع عامة الناس في مناسبة عامة".

ولفتت إلى أن "هناك حراكاً دبلوماسياً بين بغداد والفاتيكان بدأ منذ فترة لترتيب هذه الزيارة، كما أن الجهود التي بذلتها الدولة العراقية بجميع مؤسساتها وسفاراتها ورئيس الكنيسة الكاثوليكية الكاردينال لويس ساكو كانت كبيرة لترتيب هذه الزيارة".

وترى السهيل أن تلك الزيارة تحمل رمزية عالية وتمثل دعماً للعراق وهي رسالة لأهمية بقاء مسيحيي المشرق ومنهم العراقيون في بلدانهم وعدم الهجرة منها.

مدة الزيارة 4 أيام
وستشمل الزيارة البابوية في مارس المقبل التي تستمر 4 أيام، مدن بغداد وسهل أور وأربيل والموصل وقرقوش. بحسب مدير دار الصحافة التابعة للكرسي البابوي الحج الجديد للبابا فرنسيس.

وذكر مدير الدار في بيان، حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منه، أنه "بعد خمسة عشر شهرا علّق خلالها رحلات الحج الدوليّة بسبب الوباء، يستأنف قداسة البابا فرنسيس السفر بشكل استثنائي، تلبية لدعوة جمهورية العراق والكنيسة الكاثوليكية المحلية".

وتابع: "سيقوم البابا فرنسيس بزيارة رسولية إلى البلد المذكور من الخامس وحتى الثامن من مارس/آذار ٢٠٢١ وسيزور بغداد، سهل أور، المرتبط بذكرى إبراهيم، ومدينة أربيل وكذلك الموصل وقرقوش في سهل نينوى".

وأكد أن برنامج السفر "سينشر في الوقت المناسب، وسيأخذ في عين الاعتبار تطور حالة الطوارئ الصحية العالمية".

ووجه رئيس الجمهورية، برهم صالح، في ديسمبر/كانون الأول 2018، خلال استقباله في بغداد، رئيس وزراء الفاتيكان نيافة الكاردينال بيترو بارولين، دعوة إلى البابا فرنسيس الأول لزيارة العراق وعقد مؤتمر لحوار الأديان في مدينة أور التاريخية".

وكان البابا فرنسيس أعرب بوضوح عن نيته بزيارة العراق في العاشر من يونيو/حزيران عام 2019، خلال استقباله للمشاركين في اجتماع هيئة أعمال مساعدة الكنائس الشرقية (رواكو).

وعدت أوساط ونخب اجتماعية وأكاديمية زيارة بابا الفاتيكان بـ"المهمة والتاريخية"، التي يحتاجها العراق لتعزيز ثقافة التنوع والتعدد القومي والديني.

العراق بلد فسيفسائي
ويقول صفاء إلياس، وهو أكاديمي وأستاذ في علم الاجتماع السياسي، إن أبعاد تلك الزيارة ليست في بعدها الديني وحسب وإنما في توقيتاتها والظروف التي يعشها العراق إزاء التصدعات الاجتماعية والانقسام في المشهد السياسي.

ويشير إلياس في حديث مع "العين الإخبارية" إلى أنَّ العراق ومنذ مئات السنين بلد فسيفسائي في تعدد أعراقه ومذاهبه وطوائفه وهي مصدر قوة ورصيد اجتماعي وافر وغزير لتلاقح الأفكار ومفاهيم الانفتاح وقبول الآخر، غير أن الأحداث السياسية والظروف التي عاشتها البلاد وخصوصاً ما بعد 2003، أفرطت ذلك العقد وتسببت بهجرة الكثير من الأنواع والهويات.

ويستدرك بالقول: "زيارة البابا هي بمثابة دعوة صريحة لجميع الأديان في العراق للعودة مجدداً إلى خانة الانصهار الاجتماعي وكذلك في الوقت ذاته، رسالة إلى العالم الإقليمي والدولي بأن العراق صالح للتعايش وقبول التنوع".

زيارة تزيح عن العراق تهمة الإقصاء
الباحثة في الشأن العراقي الإثني وتعدد القوميات، هيبة محمود، تؤكد أن مثل هكذا زيارات تزيح عن العراق تهمة الإقصاء لمفرداته الاجتماعية وهوياته المتنوعة، وخصوصا أن الأحداث التي عاشتها البلاد وما ترتب عليها من هجرة مكونات عديدة بعينها جعلت الخارج الدولي ينظر إلى بغداد على أنها مقصلة للتعايش.

وتوضح محمود لـ"العين الإخبارية": "إننا اليوم بأمس الحاجة لاسترجاع إرثنا الاجتماعي الهوياتي الذي بدأ بالنفاد والتقلص بفعل المؤامرات ومخططات الاستهداف لتفريغ العراق من مصادر تنوعه".

وبحسب إحصائيات غير حكومية، يقدر أعداد المكون المسيحي في العراق قبل عام 2003، بنحو مليوني شخص، فيما تسببت الحروب الطائفية واضطراب الأوضاع الأمنية بعد سقوط نظام بغداد إلى هجرة أغلبهم إلى الخارج.

ويضم العراق الكثير من الكنائس الكاثوليكية والأرثوذكسية والأماكن الدينية الخاصة بطقوس وعبادات المكون المسيحي، تتوزع أغلبها في بغداد ونينوى.