في Saturday 14 September, 2019

داود أوغلو يقفز من مركب إردوغان وانهيار الحزب الحاكم اقترب

بعد أن أراد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إذلال رئيس الوزراء الأسبق أحمد داود أوغلو، على خلفية انتقاده اللاذع له، فأحاله إلى لجنة التأديب بحزبه مع طلب بفصله، لكن الأخير قطع عليه الطريق، معلنا استقالته رسميا من الحزب.


خطوة تقطع أيضا سبل عودة الود بين الرجلين إلى الأبد، وتؤذن بعهد جديد وولادة أحزاب جديدة، يتوقع أن تطرح البديل في تركيا عن حزب أردوغان الحاكم، وتفتح الطريق نحو عهد جديد يرجح المحللون بقوة بأنه سيكون خال من "العدالة والتنمية" .

لم يكن أكثر الأتراك تشاؤما ليعتقد أن داود أوغلو سيقفز ذات يوم من مركب العدالة والتنمية، بل ينقلب على رفيق دربه أردوغان، بعدما أيقن أن المركب هالك لا محالة.

فجأة وبعد غياب طويل وظهور وغياب، وجه داود أوغلو انتقاداته نحو أردوغان، ليفتح مواجهة كلامية فضحت أو بالأحرى تضمنت تلميحات وتهديدات بكشف المستور، وكشف الدفاتر القديمة، ما جعل الرئيس التركي يضيف رئيس الوزراء السابق إلى لائحة "الخونة"، ويحيله إلى مجلس التأديب مع طلب بفصله.

من هنا.. بدا أن الخطوات التالية متوقعة، وهي فصل داود أوغلو من الحزب لحفظ ماء وجه أردوغان، لكن الأول حرمه حتى من الظفر بهذا الشعور، وبادر بتقديم استقالته.

وفي مؤتمر صحفي عقده، الجمعة، بمكتبه في العاصمة أنقرة قال داود أوغلو إنه لم يكن يتخيل أنه سيواجه طلب فصل من حزب العدالة والتنمية، الذي بذل كل ما يملك من أجل نجاحه.

وأضاف "أن أولويات وخطابات وسياسات إدارة حزب العدالة والتنمية تغيرت"، مشيرا إلى أنه ومنذ تركه رئاسة "العدالة والتنمية" تشاطر مع إدارة الحزب على أعلى المستويات وجهات نظره بشأن مكامن "الخلل والأخطاء" التي لاحظها في إدارة الحزب والبلاد، وأنه استعرض انتقاداته البناءة ومقترحاته.

يعرف الجميع أن داود أوغلو كان أقرب المسؤولين الأتراك إلى أردوغان، وهو صندوقه الأسود، وهذا ما يفسر تعيينه مستشارا له منذ تولي الأخير رئاسة أول حكومة له عام 2003.

ومنذ ذلك التاريخ، بات الرجل بمثابة صندوق أفكار أردوغان، بل يعتبره الأتراك المنظر الاستراتيجي للحزب الحاكم، ولما تسميه المعارضة بالعثمانيين الجدد، واستمر ملازما أردوغان كظله حتى وصل إلى سدة رئاسة الحكومة عام 2014.

أما المنعطف في علاقات الرجلين فبدأ في 2016، حين قدم داود أوغلو استقالة كانت في واقع الأمر إقالة، لتدخل علاقتهما مرحلة جديدة عنوانها الأساسي الشك والريبة.

رغم ذلك.. لم يكن دواد أوغلو يعتقد أنه بعد إقالته من رئاسة الحكومة سيأتي الدور عليه أيضا في رئاسة العدالة والتنمية، لكن سرعان ما خاب ظنه، وأزيح من مهامه الحزبية أيضا، ليحتكر أردوغان رئاسة البلاد والحزب، في سابقة تعتبر الأولى من نوعها في تاريخ تركيا.

بدت الرسالة واضحة لداود أوغلو بأنه بات شخصية غير مرغوب فيها من قبل أردوغان في الحزب وفي الحكومة، ما جعل الرجل يختفي عن الأنظار، قبل أن يعود إلى دائرة الضوء من جديد على وقع خسارة العدالة والتنمية المدن الكبرى في الانتخابات البلدية الأخيرة.

أكبر صفعة يتلقاها آردوغان حتى الآن، وسط مساعي داود أوغلو الحثيثة لتشكيل حزب سياسي من رحم "العدالة والتنمية" ، بالتزامن مع إعلان قيادي آخر لا يقل أهمية عنه وهو علي باباجان، وزير الاقتصاد السابق نيته تأسيس حزب جديد.

توجه يهدد أغلبية "العدالة والتنمية" في البرلمان، ما يعني أن أمام المعارضة فرصة تاريخية للدعوة إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة، بما يشكل تهديدا لمستقبل أردوغان الذي غالبا ما يردد قائلا إن "مزبلة التاريخ" ستكون مصير كل من يخرج من "حزب العدالة والتنمية".

في هذه الأثناء يستهدف داود أوغلو الحاضنة الشعبية لأردوغان، ولعل هذا من بين الأمور التي دفعت بالأخير إلى تشديد الرقابة على الإنترنت، تمهيدا لخنق رفاق الأمس وأحزابهم، وإجهاض محاولاتهم نحو تقديم بديل حقيقي ومختلف للأتراك.