في Monday 20 January, 2020

لبنان.. محاولات للتوافق حول الحكومة لنزع فتيل الأزمة وتأجج الشارع.. "تفاصيل"

تأجج الوضع في لبنان، خلال الأيام الأخيرة، مع سقوط مئات الجرحى من المتظاهرين وقوات الأمن، في احتجاجات تطالب بالتغيير السياسي وتنحية الفساد الذي جر اقتصاد البلاد إلى شفير الهاوية.


وأجرى الرئيس اللبناني، ميشال عون، الاثنين، مشاورات مع كبار المسؤولين في البلاد، مثمنا جهود قوات الأمن، ودعا إلى التمييز بين المتظاهرين ومن وصفهم بمثيري الشغب.

وأصيب السبت أكثر من 377 شخصا، من جراء مواجهات غير مسبوقة منذ اندلاع التظاهرات في 17 أكتوبر الماضي، على إثر الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعانيها البلاد.

وأطلقت قوات الأمن في بيروت، السبت والأحد، الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي، واستخدمت خراطيم المياه لتفريق متظاهرين تجمهروا قرب مجلس النواب، مصرين على اقتحام المجلس.

وجرى تكليف الوزير السابق حسان دياب، الشهر الماضي، بتشكيل الحكومة الجديدة، بدعم من جماعة حزب الله وحلفائها، لكن لم يتم إعلان اتفاق على تشكيل حتى الآن.

من ناحيته، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان سعد الحريري، الاثنين، إن لبنان بحاجة إلى "حكومة جديدة على وجه السرعة توقف مسلسل الانهيار والتداعيات الاقتصادية والأمنية".


وكان اجتماع قد عقد في وقت مبكر من اليوم الأثنين،بين رئيس الحكومة المكلف حسان دياب ورئيس "تيار المردة" الوزير السابق سليمان فرنجية، وممثلي حزب الله وحركة أمل، والمساعد السياسي لأمين عام "حزب الله" حسين الخليل، ووزير المال في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل.

وقالت مصادر وزارية مطلعة على المباحثات إنه تم لاتفاق على توسيع الحكومة لـ20 وزيراً، وإرضاء الفرقاء، بعدما كان رئيس الحكومة المكلف حسان دياب متمسكاً بصيغة الـ18 وزيراً.

وإن الاتفاق يفترض أن يسرّع بإعلان الحكومة خلال الساعات المقبلة.

وكانت العقد الأخيرة عالقة عند الحصة المسيحية، حيث كان يرفض فرنجية حصول وزير الخارجية جبران باسيل على الثلث المعطل في الحكومة، وتجمع بين حصته وحصة رئاسة الجمهورية وحلفائه، مطالباً بإعطائه وزارتين بدلاً من وزارة واحدة هي الأشغال.

وكانت الأحزاب الدرزية أيضاً ترفض اقتصار تمثيلها بوزارة واحدة على غرار حصة طائفة الروم الكاثوليك، فيما كان الحزب القومي السوري يطالب بتمثيله بوزارة أيضاً، وبزيادة وزيرين تم إرضاء الجميع.

وفيما يضع الفرقاء اللمسات الأخيرة على الأسماء الوزارية، بات التوزيع المتوقع على الشكل التالي، 4 وزراء للسنة ضمنهم رئيس الحكومة، ومثلهم للشيعة إضافة لثلاثة للروم الأورثوذكس، وثلاثة للموارنة واثنين للكاثوليك، وأرمني واحد، و2 من الدروز.

ومن الأسماء التي باتت شبه محسومة أيضاً، وزارة الداخلية (للسنة) يترأسها العميد المتقاعد محمد فهمي، ووزارة التربية للأستاذ الجامعي طارق المجذوب، والاتصالات للمهندس عثمان سلطان.

ومن حصة الطائفة الشيعية بات مؤكداً اسم الخبير الاقتصادي غازي وزني لوزارة المال، والوزير السابق دميانوس قطار (من الطائفة المارونية) وفي وزارة العمل، ورمزي مشرفية من حصة الدروز.

وبانتظار اللائحة النهائية لأسماء الوزراء، لم تكن ردة فعل الشارع إيجابية عليها، فقد انتقدها الشارع باعتبارها لم تلبِ أول مطالبهم بتغيير الشخصيات، فقد ضمت العديد من الشخصيات المتداولة، وهم مستشارون سابقون لمسؤولي ورؤساء أحزاب، وهذا يجعل قراراتهم مرتبطة بمصالح الحزب وليس المواطن العادي، وبالتالي استمرار السياسة نفسها.

وإذا نجح الفرقاء في تذليل العقبات، فقد بات محسوماً أن الحكومة ستكون من لون واحد، أي من فريق حزب الله وحلفائه، بعد إعلان خصومهم، أي "الحزب التقدمي الاشتراكي" و"تيار المستقبل" و"حزب القوات اللبنانية" و"حزب الكتائب" الذين لم يختاروا دياب، عدم المشاركة في الحكومة.

وعلى صعيد أخر قال وزير الداخلية اللبناني السابق وعضو البرلمان الحالي، نهاد المشنوق، إن التوتر الذي شهدته بيروت، مؤخرا، ناجم عن تفاقم الوضع الاقتصادي وعجز الساسة عن تشكيل حكومة تنقذ البلاد من الخراب.

وأوضح المشنوق، في حديث مع قناة "سكاي نيوز عربية"، أن الوضع صار مترديا في لبنان بشكل مقلق، حتى أن أزمة الكهرباء دخلت عامها الحادي عشر، بينما كانت البلاد تقدم خدمات ممتازة في مرحلة إعادة الإعمار بعد سنة 1992.

ويرى المشنوق أن تعبير الناس عن مطالبهم بهذا القدر من الغضب أمر متوقع، في ظل تواصل الأزمة السياسية فيما يفترض أن حسن دياب يفاوض أحزابا متحالفة ومتفاهمة، لكن لا شيء غير الشلل المستمر.

وأشار إلى أزمة المصارف ومهاجمتها من محتجين، متسائلا حول رد الفعل المنتظر ممن وصفهم بـ"الرهائن" أي ما يقارب مليون و850 ألف مودع لبناني وغير لبناني لا يستطيعون أن يسحبوا مبالغ تفوق 200 دولار "هل ينتظر أن يعبروا هؤلاء عن فرحتهم مثلا".

ونبه المشنوق إلى أنه ليس بوسع أي طرف أن يضبط ردود الأفعال في البلاد، مؤكدا أن المتظاهرين وعناصر الأمن يشكلون ضحايا للأزمة في نهاية المطاف "الاثنان مقهوران".

وأورد المشنوق أن الاجتماع الأمني الكبير الذي انعقد، الاثنين، بين الرئيس عون ومسؤولين كبار سعى إلى تعزيز التنسيق بين الأجهزة الأمنية، بعدما ظهر خلل وتقصير خلال الآونة الأخيرة.

أما الحملة التي تشن من أطراف في فريق رئيس الجمهورية ضد حاكم مصرف لبنان المركزي، رياض سلامة، ففي غير محلها، بحسب المشنوق، لأن الأزمة الحالية نشأت بسبب الفراغ السياسي والتعطيل الذي تعرضت له عدة حكومات، ولا يمكن أن تعزى لسلامة.

وأضاف أن المؤسسات الدستورية في لبنان تعطلت نحو سبع سنوات ونصف بعد سنة 2005، سواء بتعطيل مجلس النواب أو حصار رئاسة الحكومة، حتى أن تشكيل الحكومة كان يستغرق عاما كاملا في بعض الأحيان "كل ذلك كان بسبب تمسك حزب الله بالانحياز للسياسة الإيرانية وعرقلة حكومة فؤاد السنيورة في 2007 وإقالة الحريري في سنة 2010".

وأكد المشنوق أنه لو كانت هناك مؤسسات طبيعية في لبنان لما اشتكى أحد من حاكم البنك المركزي "الذي دفع عنهم ثمن الانتظار وعدم إجراء أي إصلاحات جدية".