في Wednesday 9 February, 2022

هل يكون الاستمرار في السلطة الخيار الأرجح للجيش السوداني؟

رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان
كتب : زوايا عربية - وكالات

بعد مضي 3 أشهر على قرارات رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، التي يصفها بـ"الخطوات التصحيحية"، ما زالت الأوضاع متوترة في البلاد التي تشهد حراكا جماهيريا محموما رافضا لهذه القرارات.

وساد عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني في البلاد، جراء قرارات 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، التي أصدرها البرهان، بفض شراكة القوات المسلحة مع المكون المدني، خلال الفترة المتبقية من المرحلة الانتقالية.

وأبرز إجراءات البرهان الاستثنائية؛ فرض حالة الطوارئ، وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين، ما اعتبرته قوى سياسية "انقلابا عسكريا"، مقابل نفي الجيش ذلك.

ووقّع البرهان وعبد الله حمدوك، في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، اتفاقا سياسيا تضمن عودة الأخير إلى رئاسة الحكومة الانتقالية، وتشكيل حكومة كفاءات، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين.
لكن في 2 يناير/ كانون الثاني الماضي، استقال حمدوك من منصبه، في ظل احتجاجات رافضة لاتفاقه مع البرهان، ومطالبة بحكم مدني كامل، لا سيما بعد سقوط 79 قتيلا خلال المظاهرات، منذ أكتوبر الماضي، وفق لجنة أطباء السودان.

الانتخابات أو التوافق
تتطور الأحداث في البلاد بشكل متسارع، والأربعاء، دفع البرهان، بالأمور في اتجاه جديد، مطلقا تصريحا بأن هناك خيارين.

وقال البرهان، "لن نسلم أمانة السلطة في البلاد إلا لمن يأتي عبر الانتخابات أو التوافق السياسي".
وأضاف: "نريد أن نسلم السلطة لمواطنين منتخبين من الشعب لحكم البلاد".

وعقب سيطرة البرهان على السلطة بشكل كامل، في أكتوبر الماضي، حدد موعدا للانتخابات في يوليو/ تموز 2023، مع أن الوثيقة الدستورية الموقعة بين الجيش والمدنيين في 17 أغسطس/ آب 2019، حددت موعد الانتخابات نهاية الفترة الانتقالية في يناير 2024.

وتصريح البرهان، يمضي لمزيد من التعقيد، وفق مراقبين، باعتبار أن الخيارين اللذين طرحهما الرجل من العسير تحقيقهما، بالنظر إلى حالة الرفض المعلنة من القوى السياسية والمدنية لأي إجراء بعد 25 أكتوبر.

خيارات بعيدة
ويرى الكاتب والمحلل السياسي أمير بابكر عبد الله، أن هذين الخيارين (الانتخابات أو التوافق) "لا يمكن تحقيقهما في الوقت الحالي، بسبب حالة الانقسام السياسي وعدم الاستقرار".

ويقول بابكر، في حديثه للأناضول، "خيار التوافق السياسي بعيد ولا يمكن تحقيقه في القريب، لتشرذم القوى السياسية، والخلافات المستمرة فيما بينها".

ويضيف: "القوى السياسية غير قادرة على توحيد موقفها، بالإضافة إلى ضعف أدائها، وعدم قدرتها على مواكبة مطالب الشارع".

أما خيار الانتخابات بحسب بابكر، فهو "يتطلب تهيئة المناخ (السياسي)، بالإضافة إلى أن عملية الانتخابات في حد ذاتها تتطلب تمويلا ودعما لوجستيا كبيرا، بدءا من تكوين مفوضية الانتخابات، وإجراء الإحصاء السكاني، وإقرار قانون انتخابات مجاز من مجلس تشريعي، وكل هذا يتطلب وقتا".

وأردف "الانتخابات أو التوافق السياسي لن يكونا في المنظور القريب، ما يعني أن الأزمة ستكون مستمرة".

الحوار أو البقاء في السلطة
تباينت الآراء بشأن أهداف المؤسسة العسكرية، ففي الوقت الذي يؤكد قادتها رغبتهم في حوار جامع يفضي إلى حل الأزمة، لكنهم من خلال سيطرتهم على السلطة يصدرون قرارات تثبت أقدامهم في الحكم، بحسب متابعين للشأن السوداني.

وفي مقابل ذلك ترفع القوى السياسية المناهضة للمؤسسة العسكرية شعارات "لا حوار.. لا تفاوض.. لا شراكة"، وعلى رأسها قوى "إعلان الحرية والتغيير"، وتجمع المهنيين.

ويقول القيادي بقوى "إعلان الحرية والتغيير" بابكر فيصل، في مقال نشر على عدد من المواقع المحلية، السبت، "يستمر العسكر في تبني سياسة التجاهل، ومواصلة طريق تثبيت الانقلاب بتحدي المواقف الداخلية والدولية".

ويضيف: "بعد مرور 3 أشهر من قيام الانقلاب، فإن العسكر فشلوا تماما في تكوين جميع المؤسسات التي قال قائد الجيش إنها ستستكمل في غضون شهر واحد".

ويؤكد فيصل أن "الأفق مسدود تماما في وجه الانقلاب، ولن تكون نتيجة السياسات التي يتبناها العسكر حاليا سوى زعزعة الاستقرار".

ويمضي قائلا: "لا يوجد سبيل لاستعادة عملية الانتقال سوى إنهاء الانقلاب والوصول لعملية دستورية جديدة يتم بموجبها إقامة سلطة مدنية كاملة، تعمل على إكمال مهام الفترة الانتقالية والإعداد لقيام انتخابات حرة ونزيهة في نهايتها".

وفي أكثر من مناسبة، أكد البرهان، ضرورة استمرار الحوار وصولا إلى اتفاق وطني لإكمال المرحلة الانتقالية.

الحاجة إلى الحوار
يرى المحلل السياسي يوسف سراج، أن قادة الجيش أحوج إلى الحوار الآن نظرا للضغط الدولي والداخلي المتواصل، "فالحوار يجعلهم يضمنون أن يكون الجيش جزءا من أي معادلة مستقبلية".

واستدرك سراج، في حديثه للأناضول، "لكن الحوار المشروط بمقاس العسكر لن يكون مجديا، باعتبار أن القوى السياسية والشارع تجاوزا حوار يؤدي بشراكة مع العسكر في الانتقالية".

ويشير إلى أن "تطورات الأوضاع لا تشي بإمكانية نجاح الحوار، لارتفاع سقف المطالب بإبعاد العسكر من السلطة، وقد يؤدي ذلك إلى جنوحهم نحو الهروب إلى الأمام".

ويضيف: "في ظل تصاعد احتجاجات الشارع والشلل الذي أصاب الدولة، وانغلاق الطريق أمام الحوار، سيستمر العسكر في محاولتهم الاستمرار في السلطة، وهذا عواقبه وخيمة، أقلها سيكون عزلة للسودان مرة أخرى".

وطرحت عدد من المبادرات الإقليمية والدولية لحل الأزمة في البلاد، أبرزها مبادرة بعثة الأمم المتحدة بالسودان "يونيتامس"، لإجراء مشاورات أولية للعملية السياسية.

ومنذ 8 يناير الماضي، تجري "يونيتامس"، مشاورات "أولية" لعملية سياسية شاملة بين الأطراف السودانية، بهدف التوصل إلى حل للأزمة التي تفاقمت عقب قرارات البرهان.