في Thursday 14 April, 2022

بعد رفض الإطار التنسيقي مهلة الصدر.. العراق أمام «انسداد سياسي»

مقتدى الصدر- الأرشيف
كتب : زوايا عربية - وكالات

رأى الإطار التنسيقي أنه "غير معني" بمهلة الأربعين يوما التي أعلنها مقتدى الصدر من أجل التحرك مع القوى السياسية لتشكيل حكومة جديدة، معتبرا أن المهلة لن "ينتج عنها سوى إطالة أمد الانسداد السياسي".

ويسعى الإطار التنسيقي (يضم قوى سياسية شيعية أبرزها فصائل الحشد الشعبي) للتوصل إلى "تفاهمات واقعية مع القوى السياسية الأخرى خاصة التي تمثل المكون الشيعي، أو "المكون الأكبر" وفق تعبير بيان الإطار الذي أعلن ضمنا رفضه المهلة الزمنية التي منحها إياه رئيس التيار الصدري مطلع أبريل/ نيسان الجاري وتنتهي في 10 أيار/ مايو المقبل.

وفشل مجلس النواب ثلاث مرات في تحقيق النصاب القانوني لعقد جلسة مخصصة لانتخاب رئيس للجمهورية بعد مقاطعة قوى الإطار وقوى سياسية أخرى ونواب مستقلين حضور الجلسات التي يتطلب نصابها القانوني حضور ثلثي أعضاء المجلس، أي 220 عضوا.

ولا يزال حزب الاتحاد الوطني الكردستاني القريب من الإطار التنسيقي متمسك بموقفه من ترشيح الرئيس برهم صالح لولاية رئاسية جديدة، وهو ما يعارضه الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يريد تمرير مرشحه ريبر أحمد لمنصب رئيس الجمهورية بدعم من الكتلة الصدرية وتحالف السيادة.

ومنذ انتخابات أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي شهدت الساحة السياسية "الشيعية" انقسامات حادة حالت دون التوافق على تشكيل تحالف يضم عدد أكبر من النواب لإعلان الكتلة النيابية الأكثر عددا المخولة بتسمية مرشحها لرئاسة الحكومة الجديدة.

وتتنافس على تشكيل الحكومة الجديدة، قوى شيعية وسنية وكردية ضمن تحالف "إنقاذ وطن" بقيادة رئيس التيار الصدري مقتدى الصدر مع قوى الإطار التنسيقي الذي يضم أحزابا سياسية وكيانات أخرى تمثل أجنحة سياسية لمجموعات شيعية مسلحة حليفة لإيران.

ويصر تحالف "إنقاذ وطن" الذي يضم الكتلة الصدرية والحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة على تشكيل حكومة "أغلبية وطنية" أو الذهاب إلى المعارضة من داخل مجلس النواب.

بينما لا تزال قوى الإطار التنسيقي تتمسك بموقفها الرافض لحكومة الأغلبية الوطنية التي تعتقد أنه يهمش "المكون الأكبر" ويقلل من استحقاقاته، وتدعو إلى تشكيل حكومة توافقية تضم جميع القوى السياسية الشيعية الفائزة وفق العرف السائد منذ عام 2006 الذي اصطلح على تسميته "المحاصصة السياسية".

وبموجب عرف سياسي متبع في العراق منذ 2006، فإن الأكراد يشغلون منصب رئيس الجمهورية، والسنة رئاسة البرلمان، والشيعة رئاسة الحكومة.

ومنذ الإعلان عن التحالف الثلاثي، "إنقاذ وطن" واصل التيار الصدري بذل ما أمكن من جهود للإيفاء بوعوده بتشكيل حكومة أغلبية وطنية دون جدوى.

وتعثرت جهوده نتيجة مواقف قوى الإطار التنسيقي وقوى سياسية كردية (الاتحاد الوطني الكردستاني) وسنية (تحالف عزم) ترفض القبول بحكومة يقودها التيار الصدري بمشاركة ضعيفة من بعض قوى الإطار التي تقبل الانضمام إلى حكومة الأغلبية الوطنية باستثناء ائتلاف دولة القانون برئاسة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي الذي يضع مقتدى الصدر خطوطا حمراء على مشاركته في الحكومة.

وأعلن مقتدى الصدر في خطوة "غير متوقعة" مهلة أربعين يوما للإطار التنسيقي مطلع أبريل/ نيسان لتشكيل حكومة جديدة.

ويرى مراقبون أن المهلة جاءت نتيجة لفشل تحالف إنقاذ وطن في تحقيق النصاب القانوني لعقد مجلس النواب جلسة مخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية، وتراجع آمالها في تشكيل حكومة جديدة تتطلب دستوريا وجود رئيس جمهورية منتخب يتولى دعوة الكتلة النيابية الأكثر عددا لتسمية مرشحها لرئاسة الوزراء وبالتالي تكليفه رسميا لتشكيل الحكومة الجديدة.

ووفق التحالفات الأخيرة بين الكتل السياسية فإن لتحالف إنقاذ وطن 167 مقعدا، الكتلة الصدرية 74 مقعدا وتحالف السيادة 62 مقعدا والحزب الديمقراطي الكردستاني 31 مقعدا.

وهذا يعني أن التحالف (إنقاذ وطن) بحاجة إلى ضمان حضور 53 عضوا إضافيا من تحالفات أخرى ومن أعضاء مستقلين لبلوغ النصاب القانوني دستوريا لعقد الجلسة المخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية.

إن إعلان مقتدى الصدر تعليق نشاطات الكتلة الصدرية بكل ما يتعلق بانتخاب رئيس الجمهورية أو تشكيل الحكومة الجديدة، سيؤدي إلى مزيد من الانسداد السياسي وإلى تجميد العملية السياسية.

الانسداد المحتمل يأتي نتيجة توقعات بالفشل الكامل لقوى الإطار التنسيقي في تحقيق أكثرية عددية لإعلان الكتلة النيابية الأكثر عددا، أو نجاحها في مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة أو عقد توافقات تفضي للخروج من الأزمة مع قوى أخرى مثل تحالف السيادة أو الحزب الديمقراطي الكردستاني.

ولا تبدو أي فرصة أمام الإطار التنسيقي للتوصل إلى تفاهمات مع تحالف السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني، وهما عضوان في تحالف إنقاذ وطن سبق أن أعلنا تأييدهما لقرارات مقتدى الصدر وتمسكهما بتحالف إنقاذ وطن.

هذا التأييد يؤكد غياب أي احتمال لقدرة الإطار التنسيقي على تشكيل حكومة جديدة طالما تحدث عن أنه يرغب بأن تكون توافقية لا تقصي أحدا من الفائزين الشيعة.

وأعلن تحالف السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني في بيان مشترك في 2 أبريل/ نيسان تمسكهما بالتحالف مع مقتدى الصدر واستمرار الشراكة مع الكتلة الصدرية في تحالف "إنقاذ وطن"، والعمل معا لتشكيل حكومة قوية تعمل على معالجة الملفات المعقدة التي تواجه الشعب العراقي.

سيكون أمام القوى السياسية المؤتلفة ضمن تحالف إنقاذ وطن خيار الذهاب إلى حل مجلس النواب بتصويت ثلثي أعضائه وفق الصيغ الدستورية، والدعوة لانتخابات مبكرة مع استمرار حكومة مصطفى الكاظمي كحكومة تصريف أعمال.

غير أن هذا الخيار يبقى مستبعدا في المرحلة الراهنة حيث لا يوجد ما يؤكد لمعظم القوى السياسية الفائزة ضمان حصولهم على نتائج قريبة من نتائج انتخابات 10 أكتوبر الماضي.

لكن التيار الصدري لا يخشى حل المجلس؛ إذ يعتقد أن جماهيريته ازدادت بشكل واضح بعد الانتخابات الأخيرة وموقفه من تشكيل حكومة بعيدة عن التوافق وعابرة للمحاصصة السياسية بما يجعلها خاضعة للمساءلة في مجلس النواب للحد من الفساد وتحرير مؤسسات الدولة من هيمنة ونفوذ قوى برلمانية تمثل أجنحة سياسية لمجموعات شيعية مسلحة حليفة لإيران.

وتدرك القوى السياسية، بما فيها الإطار التنسيقي، أن أي حكومة لا تشارك فيها الكتلة الصدرية لا يمكن لها أن تستمر طويلا في أداء مهامها في حال معارضة نواب الكتلة الصدرية أو القوى المتحالفة معها داخل مجلس النواب.

ومطلع أبريل أطلق الإطار التنسيقي مبادرة للاتفاق بين الكيانات السياسية الشيعية على تشكيل كتلة نيابية تتفق على تسمية رئيس وزراء عبر لجنة مشتركة من قوى الإطار والكتلة الصدرية على أن تتولى المعارضة داخل مجلس النواب مراقبة الأداء الحكومي ومحاسبة مسؤوليها على الأخطاء والتجاوزات.

حتى الآن، نجح الإطار في إثبات قدراته على تعطيل عمل مجلس النواب طالما تمسكت الكتلة الصدرية بموقفها من رفض تشكيل حكومة توافقية تضم الجميع، وتمسكها بتشكيل حكومة أغلبية وطنية تعتقد قوى الإطار التنسيقي أنها حكومة إقصائية.