في Wednesday 18 January, 2023

القضاء الجزائري يكشف علاقة شقيق بوتفليقة بالكارتل المالي

شقيق بوتفليقة
كتب : زواية عربية - متابعات

تتكشف يوما بعد آخر تفاصيل جديدة عن تحقيقات القضاء الجزائري بشأن المقرّبين من رئيس الدولة السابق عبد العزيز بوتفليقة وأركان نظامه، وآخرها ما يتعلق بشقيقه السعيد ، إذ أبان الفحص الدقيق للهاتف الشخصي لشقيق بوتفليقة ، بصفته مستشارا برئاسة الجمهورية آنذاك، عن حقيقة هذا الرجل الذي كان دائما في الظل، والذي نفى جملة وتفصيلا طيلة جلسات محاكماته أمام القضاء عدم تدخله في شؤون تسيير البلاد والعباد.

بيد أن التحقيقات أثبتت أن السعيد بوتفليقة له علاقة مباشرة مع "الكارتل المالي" الذين يتهمهم جل الجزائريين بالاستحواذ على كل ما طالته أيديهم من أملاك الشعب، بل وحوّلوا عشرات المليارات من الدولارات للخارج أو من خلال الاستحواذ عليها مباشرة من البنوك في شكل قروض ومشاريع بطرق غير شرعية بتواطؤ صارخ من مافيا الإدارة الاقتصادية.

وكانت السلطات الجزائرية قد استرجعت ما قيمته 20 مليار دولار من الأموال المنهوبة في عهد الرئيس الجزائري الراحل عبد العزيز بوتفليقة الذي حكم البلاد لعشرين عاماً.

ووفق ما أوردته صحيفة "الشروق" فقد توصلت تحقيقات القضاء من خلال تكليف فصيلة الأبحاث التابعة للمجموعة الإقليمية للدرك بالجزائر، بتاريخ 28 يناير 2020، في التدقيق في جدول الاتصالات الهاتفية التي تمت بين السعيد بوتفليقة وعدد من رجال الأعمال، حيث توصلت إلى إجراء 4352 مكالمة هاتفية ورسالة نصية (SMS) بين الطرفين.

وأجرى السعيد بوتفليقة، المستشار الشخصي للرئيس السابق، 4352 اتصالا هاتفيا مع رجال الأعمال علي حداد، الإخوة "كونيناف"، محيي الدين طحكوت، طيب زغيمي عبد القادر، إلا أن الإخوة كونيناف كانوا هم الأكثر من سجلوا الاتصالات الهاتفية مع السعيد بوتفليقة، حيث أجرى كونيناف طارق نحو 1238 اتصالا هاتفيا وشقيقه رضا "1140"، يليه علي حداد بـ487 اتصالا هاتفيا، ثم طيب زغيمي عبد القادر 91 اتصالا هاتفيا، ومحيي الدين طحكوت 80 اتصالا هاتفيا.

وكشفت التحقيقات من خلال جداول الاتصالات الهاتفية التي ربطت بين السعيد بوتفليقة وهؤلاء من رجال الأعمال، أن تواريخ آخر اتصالات هاتفية تزامنت مع الفترة التي تلت الحراك الشعبي وفتح تحقيقات في ملفات الفساد التي تورط فيها رجال الأعمال، الأمر الذي أثبت وجود علاقة مشبوهة فيما بينهم، حيث لا يوجد يوم لم يتم فيه تسجيل اتصال هاتفي بين الطرفين سواء مكالمة أو رسالة نصية.

إلى ذلك كشفت عملية التفتيش التي قامت بها قاضية تحقيق الغرفة الثالثة للقطب الجزائي الاقتصادي والمالي إلى مسكن السعيد بوتفليقة الكائن بـ 138 شارع البشير الإبراهيمي ببلدية الأبيار بالجزائر العاصمة، عن ملفات إدارية، على شاكلة ضبط مراسلة صادرة عن المدير العام للوكالة الوطنية للسدود والتحويلات بتاريخ 3 نوفمبر 2012، موجهة إلى المدير العام لشركة TRAX ALGERIE المملوكة لرجل الأعمال كونيناف طارق نوى من أجل إبرام صفقة بالتراضي لإنجاز سد بوخروقة بولاية الطارف.

وضبط في نفس المسكن جدول محرر باسم مجمع ETRHB المملوك لرجل الأعمال علي حداد يتعلق بمشروع دراسة نضج وإنجاز الخط الجديد للسكك الحديدية الرابط بين تلمسان والعقيد عباس على مسافة 66 كلم بمبلغ رهيب يقدر بقرابة 119 مليار دينار، كما تم العثور على قائمة الأشخاص الذين قدموا مساهمات مالية في إطار الحملة الانتخابية للرئيس المتوفى عبد العزيز بوتفليقة، على غرار صك بنكي صادر عن بنك الجزائر الخارجي محرر من طرف شركة "هونداي موتور"، حيث ساهم محيي الدين طحكوت بمبلغ 20 مليون دينار، وأحمد معزوز بـ10 ملايين دينار، وغيرها من المحجوزات.

يذكر أن السعيد بوتفليقة سيمثل رفقة رجال الأعمال ومن معهم، هذا الأربعاء، أمام الفرع الثالث للقطب الجزائي الاقتصادي والمالي بسيدي أمحمد بالجزائر العاصمة، حيث ستكشف عن حقائق خطيرة وفساد رهيب خلال فترة ما يسميه مراقبون نظام "مافياوي عصاباتي" استنزف خيرات الجزائر لأزيد من عقدين.

ويتابع المستشار برئاسة الجمهورية في عهد شقيقه عبد العزيز بوتفليقة بتهم ثقيلة تتعلق بتبييض الأموال عن طريق تحويل ممتلكات ناتجة عن عائدات إجرامية لإخفاء وتمويه مصدرها غير المشروع، إساءة استغلال الوظيفة، إخفاء أموال مشروعة ناتجة عن جريمة فساد الأفعال المنصوص والمعاقب عليها بالمواد 389 مكرر، 389 مكرر 1 من قانون العقوبات، والمواد 33 و43 من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته.

يذكر أنه تم إيداع السعيد بوتفليقة السجن العسكري بمدينة البليدة في مايو 2019 بتهمة التآمر على سلطة الدولة والجيش برفقة آخرين لتتم تبرئتهم من قبل مجلس الاستئناف العسكري في يناير 2021 ويحول إلى السجن المدني وسط الجزائر العاصمة لمتابعته في قضايا أخرى، وفق بيان صدر عن وزارة الدفاع الجزائرية وقتها.

وبالإضافة إلى قضية تمويل الإرهاب، فإن شقيق الرئيس السابق متابع في ملفات فساد.

يشار إلى أن وزير العدل الجزائري عبد الرشيد طبي، كان قد صرح قبل أيام أن مسار استرداد الأموال المنهوبة كان على الصعيد الوطني والدولي، وذلك بعد التواصل والتنسيق بين السلطات القضائية الجزائرية والفرنسية، الإيطالية والأميركية. مبرزاً أن المبلغ المسترد والمقدر بـ 20 مليار دولار هو مؤقت ومرشح للارتفاع.

وإضافة إلى استرداد مبلغ 20 مليار دولار، تم استرجاع 211 فيلا، و281 بناية في طور الإنجاز،21 عقاراً سياحياً، 596 محلاً تجارياً، 229 عقاراً فلاحياً، 23774 ملكية منقولة كطائرات خاصة وسفن استجمام، بواخر نقل سلع، و40203 مركبات بين شاحنات وحافلات، إضافة إلى 821 سيارة تجارية، 1330 آلة خاصة في الأشغال العامة، 236 عتاداً زراعياً، 7000 سيارة فاخرة، وحجز أموال في 6447 حساباً مصرفياً، إضافة إلى شركات خاصة بتسيير قنوات تلفزيونية، حسب ذات المصدر.

يذكر أن هذه الأموال والعقارات المصادرة والممتلكات المحجوزة، والمصانع والشركات كانت على ذمة رجال أعمال ومسؤولين نافذين في عهد الرئيس السابق والتي حصلوا عليها بطرق غير قانونية، إذ أصدر القضاء الجزائري أحكاماً نهائية بشأن تأميمها، وتقرر وضعها تحت سلطة الدولة للتصرف فيها.