في Saturday 8 April, 2023

خبراء مصريون يرصدون استعدادات إثيوبية لـ"أكبر ملء" لسد النهضة

كتب : زوايا عربية - متابعات

في الوقت الذي تواصل فيه أجهزة حكومية مصرية مختصة بالموارد المائية والري إجراءاتها لصيانة وضمان تدفق مياه النيل في المجاري المائية دون معوقات، أشار خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «صوراً جديدة للأقمار الصناعية كشفت استعداد إثيوبيا للملء الرابع لسد النهضة خلال صيف العام الجاري، وسط توقعات بأن يكون الملء الجديد «مؤثراً أكثر من كل السنوات الثلاث الماضية»، بالنظر إلى كمية المياه التي تنوي أديس أبابا احتجازها خلال موسم الأمطار، فيما دعا مراقبون إلى تبني «نهج مغاير» في التعامل مع الإصرار الإثيوبي على المضي قدماً في استكمال إنشاءات السد، وسط جمود للتفاوض منذ عامين.

وعقد وزير الموارد المائية المصري، الدكتور هاني سويلم، اجتماعاً (السبت) أكد خلاله – حسب بيان رسمي - حرص الحكومة على «عدم السماح بأي أعمال من شأنها التأثير على سريان المياه بالمجاري المائية أو التأثير على جسورها أو التغطيات أو إعاقة أعمال الصيانة الدورية أو الطارئة التي تقوم بها أجهزة الوزارة للمجاري والمنشآت المائية، أو التأثير على سلامة الأراضي والمنشآت أو الإضرار بالبيئة».

وتؤكد الحكومة المصرية مراراً على ضعف موارد البلاد المائية، وتناقص حصة الفرد السنوية من المياه، وتعلن كذلك عن مشروعات لتحلية المياه، وإعادة تدويرها بهدف معالجة ومحاولة تلبية ضغوط الطلب المتزايدة في القطاع الحيوي.

وفي غضون ذلك، قال الدكتور عباس شراقي، أستاذ الموارد المائية والجيولوجيا بجامعة القاهرة، إن صوراً حديثة للأقمار الصناعية تشير إلى أن ثمة «مشكلات فنية تواجه تشغيل توربينات سد النهضة»، وأن سلطات تشغيل السد الإثيوبي اضطرت إلى فتح بوابات التصريف الجانبية لتمرير كميات من المياه دون أن تمر على توربينات توليد الكهرباء، وهو ما يشير إلى أن «الغرض الأساسي من إنشاء السد، وهو توليد الطاقة، لم يتحقق».
وأضاف شراقي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن فتح البوابات لتصريف كميات من المياه في يناير الماضي، جاء في «محاولة من السلطات الإثيوبية لإرضاء الطرف السوداني»،
خصوصاً أن إغلاق بوابات التصريف مع عدم تشغيل التوربينات «يؤدي إلى الإضرار بالمرافق المائية السودانية».

وأوضح أستاذ الموارد المائية والجيولوجيا، أن كل المؤشرات تؤكد أن إثيوبيا «ماضية في سبيل استكمال الملء الرابع للسد، وأن الملء الجديد وفق التصريحات الإثيوبية سيكون أكثر من 25 مليار متر مكعب من المياه، وهو ما يتجاوز الكميات المخزنة في السنوات الثلاث الأخيرة، والتي بلغت وفق البيانات الإثيوبية 22 مليار متر مكعب».

ووصف شراقي استمرار السلطات الإثيوبية في تخزين الكميات المعلن عنها للوصول بطاقة التخزين خلف السد هذا العام إلى 45 مليار متر مكعب بمثابة «إضرار كبير» بالمصالح المائية لكل من مصر والسودان، مشيراً إلى أنه «يمكن في حالة عدم هطول كميات كبيرة من المياه أن يحتجز ذلك الملء معظم إيراد النيل الأزرق، وبعد حصول السودان على حصته لن يتبقى لمصر سوى كمية لا تفي بحصتها المعتمدة في الاتفاقيات الدولية».

ولفت شراقي إلى أن عدم شعور المواطن المصري حتى الآن بالتأثيرات السلبية لسد النهضة «يرجع إلى الإجراءات التي اتخذتها الدولة المصرية للتعامل مع كل الاحتمالات»، ومنها ترشيد استخدامات المياه عبر الحد من المحاصيل الزراعية الشرهة للمياه، وبناء محطات لإعادة معالجة مياه الري، وهو «ما ضاعف من الأعباء والتكاليف التي كان يمكن تجنبها لو جرى التوصل إلى اتفاق قانوني يراعي مصالح كل الأطراف»، وفق تقديره.

ويثير سد النهضة أزمة بين مصر والسودان وإثيوبيا، حيث تطالب مصر والسودان بجدول زمني متفق عليه قانونياً وفنياً للملء والتشغيل والتشارك حول بيانات السد، فيما تواصل الحكومة الإثيوبية عمليات تشييد السد وملء خزانه المائي وسط جمود في المفاوضات بشأنه منذ إجراء آخر جولة تفاوضية في 10 يناير 2021.

ومن جانبه، يقول الدكتور أيمن السيد عبد الوهاب، نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، والخبير المتخصص في القضايا الأفريقية وشؤون المياه، إن استمرار النهج الإثيوبي في ملء وتشغيل سد النهضة دون اتفاق قانوني مع الدول ذات الصلة «يمثل استمراراً للنهج المتعنت، ومحاولة لتحقيق الهدف الاستراتيجي المعلن منذ 2007 بالهيمنة الأحادية على النيل الأزرق»، وفق تقييمه.

وأوضح عبد الوهاب في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن الإجراءات الفنية الجارية حالياً استعداداً للملء الرابع «تؤكد أن السلوك الإثيوبي لم يتغير»، وأن أديس أبابا تستهدف الضغط على القاهرة للموافقة على اتفاق (عنتيبي)، وهو ما يلغي الحصص والمكتسبات التاريخية والقانونية لمصر التي أقرتها اتفاقات دولية سابقة.

وأشار الخبير المتخصص في القضايا الأفريقية وشؤون المياه، إلى أن إثيوبيا «لم تسع خلال السنوات الماضية إلى ملء يؤثر بقوة على الحصة المصرية، ويؤدي إلى نقطة اللاعودة في علاقاتها مع القاهرة»، لكنها في الوقت نفسه سعت إلى أن تبقى المحادثات «غير مفيدة، ولا تفضي إلى نتائج محددة».

ونوه عبد الوهاب بأن المؤشرات الفنية تؤكد أن الملء الرابع سيكون أكبر من سابقيه، وهو ما «يتطلب نهجاً مغايراً في معادلة الضغط على إثيوبيا، كي لا يتكرر نفس سيناريو السنوات الثلاث الماضية».

وفي سياق آخر، بحث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، السبت، في اجتماع ضم مع رئيس مجلس الوزراء، ووزير الإسكان، تطورات سير العمل في سد «جوليوس نيريري» لتوليد الطاقة الكهرومائية في تنزانيا، الذي ينفذه تحالف لشركات مصرية بإشراف حكومي، ويعد أضخم مشروع تنموي يجري تنفيذه على مستوى تنزانيا، حيث يسهم في توليد ضعف حجم الطاقة المتوافرة حالياً بالبلاد.

ووصف المستشار أحمد فهمي المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، مشروع السد التنزاني بأنه «يمثل نموذجاً يُحتذى به في التعاون المثمر، الذي تحرص عليه مصر مع أشقائها الأفارقة، نحو البناء والتعمير لصالح جميع الشعوب الأفريقية».