في Saturday 1 July, 2023

«مساوئ الإخوان» تحضر في احتفال مصر بـ«30 يونيو»

كتب : زوايا عربية - متابعات

بموازاة مرور 10 سنوات على ذكرى «ثورة 30 يونيو عام 2013»، والتي احتشد فيه ملايين المصريين للمطالبة بإنهاء حكم تنظيم «الإخوان»، ركّزت التفاعلات الرسمية والإعلامية على التذكير بـ«مساوئ» حكم التنظيم، والتشديد على أهمية «التماسك» الاجتماعي والوطني في البلاد.

ووصلت الاحتفالات المصرية ذروتها الجمعة الذي وافق 30 يونيو (حزيران)، لكن مظاهر الاحتفاء عبر وسائل الإعلام المحسوبة على الدولة بدأت قبل أكثر من شهر، وتصاعدت كثافة التناول الإعلامي تدريجياً. وأطلقت مجموعة «المتحدة للخدمات الإعلامية» عبر قنواتها المتعددة مجموعة من البرامج والأفلام الوثائقية التي تعيد التذكير بالأجواء السياسية والاقتصادية والمجتمعية التي سبقت انطلاق المظاهرات الشعبية المناهضة لاستمرار الرئيس المصري الراحل المنتمي إلى «الإخوان» محمد مرسي في الحكم بعد عام واحد من توليه السلطة، فضلاً عن إعادة بث أعمال درامية تجسد «جهود مكافحة الإرهاب، وتضحيات الجيش والشرطة في مصر».

وحفل الخطاب الرسمي المصري في تلك المناسبة برسائل لافتة؛ إذ وصف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذكرى العاشرة لـ«ثورة الثلاثين من يونيو»، بأنها «أيام لامعة كالنجوم، تضيء عتمة الليل، وتبدد ظلمة الطغيان، تنير الطريق أمام السائرين، وتهديهم سواء السبيل».

وتضمنت برقيات التهنئة الرسمية من جانب معظم مسؤولي الدولة إلى الرئيس تأكيداً على معاني «الالتفاف والاصطفاف الوطني، والتماسك الاجتماعي للدولة في مواجهة التحديات».

كما أبرز مسؤولون بمؤسسات دينية مصرية ما وصفوها بـ«جرائم الإخوان»، وهاجم شوقي علام، مفتي مصر، في لقاء تلفزيوني أذيع مساء الجمعة، ما ارتكبته «الإخوان» التي وصفها بـ«الجماعة المتطرفة والإرهابية»، من «جريمة بحق الإسلام بتسييس الدين واتخاذ الشرع وسيلة للتفرقة بين الناس».

وأكد مفتي مصر أن «فكر (الإخوان) غريب على البيئة المصرية؛ ولذا لم تنجح الجماعة في احتواء الشعب المصري، ولا الاندماج معه؛ لأن فكرهم ومنهجهم قائم على الاستعلاء والاستكبار». في حين عدّ محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف المصري، «30 يونيو» «تصحيحاً لمسار ومسيرة الخطاب الديني واستعادته من مختطفيه والمتاجرين به».

وأعلنت الحكومة المصرية منذ ديسمبر (كانون الأول) 2013 «الإخوان» «تنظيماً إرهابياً»، وحظرت جميع أنشطتها، وجاء القرار بعد 3 أشهر من إصدار محكمة مصرية حكماً بحظر أنشطة «الإخوان» وكل المؤسسات المتفرعة عنها والتحفظ على جميع أموالها ومقارّها.

رسائل سياسية

وعدّ عضو مجلس النواب المصري مصطفى بكري أن الاحتفال المكثف بالذكرى العاشرة لـ«30 يونيو »: «يعكس التمسك الرسمي والشعبي بالحدث» الذي وصفه بأنه كان «المخرَج الحقيقي للمصريين مما عانوه خلال عام حكم (الإخوان)».

وقال بكري لـ«الشرق الأوسط»: إن «الرسائل التي تضمنتها الإفادات الرسمية بشأن المناسبة جاء في مقدمتها التأكيد على قدرة الدولة المصرية بكل مكوناتها في اجتياز العديد من التحديات الاستراتيجية، وبخاصة التحديات الأمنية التي أعقبت خروج (الإخوان) من الحكم»، مشيداً في هذا الصدد بما قدمته المؤسسة العسكرية المصرية من «تضحيات وجهود لهزيمة الإرهاب».

كما لفت إلى أن الاحتفالات عكست كذلك أهمية فكرة «الاصطفاف الوطني»، مشيراً إلى أن ذلك الاصطفاف «كان وسيلة المصريين قبل عِقد كامل في التخلص من حكم (الإخوان)، وسيبقى أيضاً وسيلتهم لمواجهة التحديات، وفي مقدمتها الأزمات الاقتصادية».

في المقابل، عدّ الدكتور عمرو هاشم ربيع، نائب رئيس «مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية» عضو مجلس أمناء «الحوار الوطني» في مصر، أن تكثيف الاحتفالات؛ سواء على المستوى الرسمي والإعلامي «لا يخلو من هدف تعبوي»، موضحاً أن «العديد من الأزمات الراهنة تدفع مؤسسات الدولة إلى حشد جهودها من أجل تذكير المصريين بما كان عليه الحال خلال حكم (الإخوان)، وإبراز أخطاء ذلك الحكم، في مقابل الإشارة إلى ما حققته الدولة في المرحلة التالية كنوع من المقارنة التي تدعو الناس إلى الصبر والتمسك بما تم تحقيقه».

مآلات التحالف

وشارك كثير من القوى والأحزاب المدنية في مصر في مناهضة حكم «الإخوان»؛ إذ تشكلت «جبهة الإنقاذ الوطني»، وهي تكتل سياسي تأسس في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 2012، بعد الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس المصري آنذاك محمد مرسي، وضمت الجبهة 35 حزباً وحركة سياسية وثورية وجميعها ذات آيديولوجيات ليبرالية ويسارية.

وتباينت مصائر كثير من الشخصيات المكونة للجبهة، فبينما شاركت شخصيات بارزة، مثل عمرو موسى، الأمين العام الأسبق للجامعة العربية، في صياغة الدستور المصري عام 2014، وخاض القيادي الناصري حمدين صباحي أول انتخابات رئاسية عقب إطاحة «الإخوان»، ابتعدت شخصيات أخرى مثل الدكتور محمد البرادعي، الذي تولى منصب نائب رئيس الجمهورية لأشهر عدة، قبل أن يستقيل من منصبه ويختار الإقامة خارج مصر، في حين تعرّض أعضاء بالجبهة لاحقاً للحبس على ذمة ما تصفها قوى معارضة بأنها «قضايا رأي».

وبشأن مآلات التحالف السياسي الذي كوّن مشهد «30 يونيو»، قال ربيع في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «التحالف تعرّض للتفكك»، وواجه كثير من الشخصيات والقوى المشاركة في صناعة الحدث ما وصفه بـ«تهميش متعمد».

غير أن النائب بكري، رأى أن «ما يجري حالياً من (حوار وطني) أعلن الرئيس المصري التزامه بمخرجاته كاملة يؤكد أهمية (الاصطفاف الوطني) في وقت تُقبِل فيه البلاد على انتخابات رئاسية خلال أشهر عدة، ويؤكد كذلك احترام جميع القوى الوطنية».

ووصف ربيع «الحوار الوطني» بأنه «محاولة لتضميد جراح (تحالف 30 يونيو) عبر آلية أكثر مرونة وتمثيلاً للقوى السياسية المصرية من المؤسسات النيابية»، ورأى ربيع أن تزامن ذلك الحوار مع الذكرى العاشرة لـ«30 يونيو» يمثل «خطوة على الطريق».