في Thursday 13 July, 2023

حصار تعز اليمنية.. 3000 يوم من عدوان الحوثي

كتب : زوايا عربية - متابعات

منازل مدمرة، أهالٍ محاصرون، ألغام شيدت كسياج دائري لتطويق الحي، وقناصة ينتشرون في التلال يترصدون المارة، إنها مأساة إحدى أحياء تعز المحاصرة حوثيا منذ 3 آلاف يوم.

خوف وهلع شديد، يعيشه الكبار والصغار، الرجال والنساء والأطفال في حي "كلابة" شرقي مدينة تعز، جنوبي اليمن، إذ قد يدفع المرء حياته ثمناً لخروجه من منزله، أو لجلب الماء أو الغذاء.

كما يعيش السكان لياليهم في ظلام دامس، رغم استخدام بعضهم منظومات الطاقة الشمسية، بغرض توفير الكهرباء، إلا أنهم لا يشعلون مصابيح الإنارة، خوفاً من استهداف الحوثي الذي يقصف المنازل التي تنبعث منها أي أضواء، حتى في ظل التهدئة الأممية الهشة.

وتقع "كلابة" في منطقة تماس بين مليشيات الحوثي والجيش اليمني مما جعل الحي عرضة للقصف طوال السنوات الماضية لتصبح منطقة معزولة تماما لا تستطيع الوصول إليها أي جهة حكومية أو منظمة إنسانية أو إغاثية.

وتشير مصادر حقوقية لـ"العين الإخبارية" إلى أن نحو 70 أسرة هي من فضلت البقاء في منازلها في حي "كلابة" ورفضت النزوح خوفاً من بطش مليشيات الحوثي، إثر القصف الممنهج والقنص المتواصل الذي يحيطه بها من كل مكان.

و"كلابة" هو واحد من أحياء مدينة تعز التي يقطنها أكثر من 4 ملايين نسمة، إذ يعيش سكانها رعبا حقيقيا يشل حركتهم وحياتهم ولا يكاد يمر يوم دون سماع خبر سقوط أحدهم ضحية القنص بين قتيل أو مصاب أو ناج إذا ما حالفه الحظ.

قناصة تحصد الأرواح

وأجبرت نيران المليشيات الحوثية وفرق القناصة التي تستهدف المدنيين، سكان مناطق التماس إلى بناء جدران وحواجز تسمح بتغطية عبور الأطفال والنساء وتحجبهم عن أعين عناصر المليشيات، وذلك رغم التهدئة الأممية.

في حي "كلابة" وجدت "العين الإخبارية" أحمد ناصر (50 عاما) وهو يختبئ خلف جدار أسمنتي في محاولة للاحتماء من قناصة مليشيات الحوثي المنتشرة بطول 5 كيلومترات تقريبا على التلال الشرقية وفي معسكر الأمن المركزي".

يقول ناصر إن "قناصي مليشيات الحوثي يتخندقون مصوبين فوهة بنادقهم نحو كل ما يتحرك على الأرض أمام مرماهم، بما فيها المواشي وحتى المنازل والأشجار لم تسلم من القناصة".

بحسب ناصر فإن "قناصة مليشيات الحوثي استهدفت طفله الصغير ما أدى إلى إصابته"، ورغم الاستهداف المتواصل إلا إنه رفض النزوح خشية من التشرد وتدمير منزله الواقع على خطوط النار.

ويضيف لـ"العين الإخبارية" أن "حصار تعز دخل عامه التاسع، وحي كلابة شاهد على إرهاب مليشيات الحوثي التي تمارس الإجرام بلا هوادة ويواجه السكان مأساة حقيقية".

وانتقد المواطن اليمني دور الأمم المتحدة والتي تتجاهل مأساة تعز المحاصرة منذ 9 أعوام، في وقت قامت بفتح مطار صنعاء وميناء الحديدة لإمداد مليشيات الحوثي بالمؤن والأسلحة"، بحسب قوله.

حملة 3000 يوم

وأطلقت الحكومة اليمنية والسلطة المحلية في محافظة تعز حملة واسعة النطاق بمناسبة مرور 3000 يوم على حصار مليشيات الحوثي، والذي يعد أطول الجرائم في التاريخ الحديث وأبشعها، والمليئة بالمعاناة الإنسانية التي عاشها وما زال يعانيها ما يزيد عن 4 ملايين مواطن.

الحملة التي تستمر أسبوعا متواصلا تتضمن تنظيم سلسلة بشرية في أحد المنافذ، إلى جانب معرض صور يستعرض جزءا من تفاصيل الحصار، وكذا جلسة استماع علنية لنماذج من ضحايا الحصار، وتنظم مجموعة من المكاتب التنفيذية فعاليات متنوعة بمناسبة مرور 3000 يوم حصار.

واستهل محافظ تعز نبيل شمسان الفعاليات بإقامة مؤتمر صحفي تطرق فيه إلى الآثار الكارثية للحرب والحصار الحوثي ومرور 3000 يوم من الحصار في أبشع جريمة وعقاب جماعي يشهدها التاريخ الحديث، والتي تسببت بتدمير البنية التحتية والخدمية وتدمير المنشآت وإغلاق الطرق ونزيف الأرواح بالقصف اليومي والقنص والألغام وصعوبة الحصول على الخدمات المعيشية والسفر وانتقال المرضى.

وأكد شمسان أن "قضية تعز والحرب الحاقدة والحصار من المليشيات الحوثية تشكل أولوية في المشهد السياسي باعتبارها قضية مصيرية للوطن، وتسببت بأسوأ معاناة إنسانية في العالم.

وكشف المسؤول اليمني أن "الحصار تسبب بأزمة مياه تصل إلى 75% من احتياج السكان، وتدمير 50% من شبكة الطرق وارتفاع تكلفة السفر طول المسافة 1000%، ونقل البضائع وارتفاع الأسعار 35% عن المناطق المحررة وكذلك الحوادث المرورية التي بلغت 481، نتج عنها 374 حالة وفاة وإصابة 966 حالة وخسائر قدرت بـ475 مليون دولار".

كما تسبب حصار الحوثي بإغلاق 31 مدرسة وتضرر 32 ألف طالب وطالبة، بينما بلغ عدد الطلاب المتضررين من عدم القدرة للوصول للجامعات 8 آلاف طالب وطالبة والصحة وتوقف الشركات والمؤسسات التجارية وانعدام المشتقات النفطية.

ووفقا للمسؤول اليمني فقد بلغت الخسائر المالية في الإيرادات 228 مليون دولار في العام الواحد، وتضرر 9 آلاف عامل بينما بلغ ضحايا الألغام 1700 قتيل وجريح، وتضرر 258 منزلا و40 منشأة تجارية واختطاف 718 من المدنيين.

ودعا المحافظ شمسان الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى إيقاف هذه المعاناة والعقاب الجماعي بالضغط على المليشيات الحوثية لفك الحصار وإعطاء هذه المعاناة الإنسانية أولوية في أي محادثات مقبلة.

من جهتها، أكدت وزارة حقوق الإنسان اليمنية، في بيان، أنه "لم يعد مقبولاً استمرار صمت المجتمع الدولي إزاء حصار وجرائم وانتهاكات مليشيات الحوثي الإرهابية بحق المدنيين في مدينة تعز".

ودعا البيان تزامناً مع مرور 3000 يوم من الحصار الذي تفرضه المليشيات الحوثية على تعز، مجلس الأمن الدولي ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص إلى اليمن، ومفوضية حقوق الإنسان وكل منظمات ونشطاء حقوق الإنسان إلى تحمل مسؤولياتهم تجاه هذه المدينة بما يساهم في فضح جرائم وانتهاكات مليشيات الحوثي بحق المدينة والسكان المدنيين".

وأشار البيان إلى أن "الحصار الجائر الذي تفرضه المليشيات على المدينة منذ شهر يوليو/تموز 2015 وحتى يومنا هذا ألحق أضراراً جسيمة وبالغة اقتصاديا واجتماعيا وإنسانيا على المستوى الفردي للأشخاص والجماعي للأسر والمؤسسات، وأضر بشكل مباشر وغير مباشر بالأفراد واقتصاديات الأسر والمؤسسات والقطاعات التجارية والصناعية والزراعية.

وتعز هي إحدى مدن اليمن التي تعاني من حصارٍ مستمر منذ 2015 من قبل مليشيات الحوثي، ويشمل ذلك قطع الطرق البرية والبحرية والجوية التي تربط المدينة ببقية العالم، كما تقوم المليشيات بإغلاق المنافذ والمرافق الحيوية، مما يمنع دخول المساعدات الإنسانية والسلع الأساسية.

نقلاً عن:" العين الإخبارية"