في Tuesday 8 September, 2020

يفضلون الهجرة على البقاء في دولة منهارة..

يدفعون ثمن تصرفات «حزب الله».. اللبنانيون يركبون «قوارب الموت» هرباً من واقعهم الصعب

صورة تعبيرية
كتب : زوايا عربية - متابعات

فرضت الأوضاع السياسية والاقتصادية التي يواجهها لبنان واقعا معيشيا أكثر صعوبة على أبناء هذا البلد، ما دفع العشرات منهم لإعادة مشاهد قوارب الهجرة غير الشرعية باتجاه أوروبا.

واستقل 150 لبنانيا خمسة قوارب صغيرة من مدينة طرابلس (شمال) للانطلاق في رحلة غير شرعية باتجاه قبرص، في مسعى للهجرة إلى أوروبا؛ هرباً من الأزمات المتلاحقة التي تقف خلفها سياسات حزب الله الإرهابي.

وتجدد الهجرة الجديدة الآن، ما كان سائداً في عام 2015، حين انطلقت عدة قوارب من لبنان باتجاه تركيا، ومنها إلى أوروبا، وغرق أحدها في ذلك الوقت.

لكن الآن، يتخذ الملف بُعداً آخر، فهؤلاء الهاربون من لبنان إلى أوروبا، يفرون من واقع اقتصادي صعب، وارتفاع نسبة البطالة إلى أكثر من 50%، وتدني مستوى المعيشة والقدرة الشرائية، فلم يجد اللبنانيون سبيلاً إلا بركوب قوارب الموت.

ومنذ الخميس الماضي، بدأت القوارب الصغيرة بالانطلاق من طرابلس، فيما يقول سكان في المدينة الواقعة شمال لبنان لـ"العين الإخبارية" إن القوارب انطلقت من منطقة الميناء القريبة من المدينة، وتخفًت عن أعين البحرية اللبنانية عبر طريقة ما للهرب.

لكن تصاعد عدد الرحلات، دفع السلطات القبرصية للتحرك، حيث أعادت مؤخراً إلى بيروت 33 مهاجراً غير شرعي (30 لبنانيا وثلاثة سوريين) كانوا قد وصلوا إلى سواحلها السبت الماضي، وقد شوهد قاربهم قبالة ساحل مدينة ليماسول القبرصية.

ووفقاً للسلطات القبرصية فإنّ القسم الأكبر من المهاجرين غير الشرعيين الذين أبحروا من لبنان في الأيام الأخيرة كانوا لبنانيين وسوريين، وقد سُمح لبعضهم بالنزول في الجزيرة بينما أُعيد البقية إلى بيروت على متن سفينة استأجرتها نيقوسيا لهذا الغرض.

وتناقلت وسائل إعلام محلية لبنانية خبراً يؤكد أنه "جرى إعادة اللبنانيين على متن قارب قبرصي خاص، بعد التشاور مع السلطات اللبنانية، بحجة أن قاربهم كان بحالة سيئة وغير آمن، وعلى متنه 14 طفلًا و6 نساء و13 رجلًا".

وترتبط قبرص ولبنان باتفاقية تنصّ على "إعادة إرسال" المهاجرين الاقتصاديين غير الشرعيين إلى البلد الذي انطلقوا منه.

وبلغ التحرك القبرصي بإعلان نيقوسيا أنّها سترسل إلى بيروت هذا الأسبوع وفداً للتباحث في سبل منع قوارب محمّلة بمهاجرين غير نظاميين من الإبحار من السواحل اللبنانية نحو الجزيرة المتوسطية التي اعترضت في الأيام الأخيرة عدداً غير مسبوق من هذه القوارب.

وبحسب وزير الداخلية القبرصي نيكوس نوريس فإن مسؤولين من مختلف الأجهزة القبرصية المعنية بهذه المسألة سيزورون لبنان في غضون 48 ساعة "للتعامل مع هذه الظاهرة بأفضل طريقة ممكنة وأكثرها فاعلية".

ولا ينظر المسؤولون اللبنانيون بغرابة إلى التطورات الأخيرة؛ حيث يقول الوزير اللبناني الأسبق رشيد درباس لـ"العين الإخبارية" إنه "إذا ما نظرنا إلى الأسباب فهي لا تعود لأمر واحد ولا للفترة التي نعيشها حصرا، فطرابلس تعاني الظلم والحرمان والفقر والتهميش منذ سنوات طويلة".

وأضاف: "نواب المدينة في غفلة وكأنها لا تعنيهم، والوضع الاقتصادي مزري لدى معظم سكانها، وجائحة كورونا تجتاحها بأعداد كبيرة يومياً، فمن الطبيعي عندما تخف فرص العمل بهذا الشكل ويزداد عدد سكان المدينة ثلاثة أضعاف عما كانت عليه منذ 10 سنوات أن يبحث الشباب الطرابلسي عن بلد آخر بحثا عن لقمة عيشه".

ومع أن الهجرة غير الشرعية ظاهرة قديمة، فإن تجددها يثير التساؤلات ويطرح فرضيات عن مصير الشعب اللبناني في ظل الضائقة الاقتصادية منذ عام تقريباً، وبعد انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس/آب الماضي.

ووفقاً لـ"درباس" فإن ما يحصل استسهال من أبناء طرابلس لمغادرة المدينة عبر القوارب غير الشرعية مثلما كان يفعل النازحون السوريون لفترات، متسائلا: "عندما يعرض المهاجر حياته للخطر فكم يكون يائسا عندها؟"

وفيما يطالب البعض بقمع ظاهرة الهجرة غير الشرعية، واتخاذ إجراءات للحيلولة دون تكرار قوارب الموت، يقول درباس: "في حال قمعت هذه الظاهرة كما نسمع من أكثر من جهة، فمن المفترض أن تخف أو أن تتوقف لكن اعتدنا والتجارب تثبت ذلك أن الناس تعود لتلتف على الإجراءات المتخذة وتعاود التجربة بطريقة أو بأخرى".

وحمل الوزير اللبناني الأسبق المسؤولية في هذه الظاهرة على الحكم الحالي في لبنان والذي يعيش ازدواجية غير مسبوقة.

وأعرب عن أمله أن يفك رئيس الحكومة الجديد مصطفى أديب المنحدر من طرابلس الحصار المفروض على هذا البلد وينتشله من أوضاعه الاقتصادية الصعبة.

واختتم درباس حديثه بالتأكيد على أن بعض الدول تعاقب اللبنانيين وتدفعهم ثمن تصرفات مليشيات حزب الله، التي تجلس على ظهر اللبنانيين كلهم وليس على فقط كراسي السلطة والتحكم بها.