في Tuesday 6 October, 2020

بتكتيك «الحروب الصليبية».. الحوثي يحرق التهدئة الأممية في الحديدة

القوات المشتركة في الحديدة
كتب : زوايا عربية - متابعات

عادت شراسة المعارك القتالية إلى واجهة المشهد في محافظة الحديدة اليمنية، إثر عملية عسكرية واسعة ومفاجئة لمليشيات الحوثي تتواصل منذ 5 أيام بوتيرة عنف غير مسبوقة، رغم دخول هدنة هشة تسري تحت رقابة بعثة الأمم المتحدة وفق اتفاق ستكهولم.

وسعت مليشيا الحوثي المدعومة من إيران، ولأول مرة منذ تطبيق قرار وقف إطلاق النار التوغل العسكري في المناطق المحررة، مساعيها المتواصلة في اجتياح مدينتي الدريهمي وحيس الواقعتين أقصى ووسط الريف الجنوبي للمحافظة الاستراتيجية المطلة على البحر الأحمر.

مسؤولون عسكريون يمنيون وسكان محليون تحدثوا لـ"العين الإخبارية" في مناطق مليشيا الحوثي عن مدى خطورة التصعيد الميداني للانقلابيين والذي يتجه - وفق المعطيات على الأرض هذه المرة - لمعركة أوسع تطوي سجل مواجهات كر وفر متقطعة تخللت الهدنة خلال أقل من عامين.

معركة كبرى
مصادر مطلعة كشفت أن مليشيا الحوثي دفعت بمئات المسلحين، وصلوا اليومين الماضيين، تزمنا مع معارك عنيفة في حيس والدريهمي، على متن أكثر من 30 مركبة مدنية إلى مناطق ومزارع حولت لمعسكرات شرق وجنوبي الحديدة.

المصادر قالت كذلك إن قوام كتيبة عسكرية للانقلابيين المتحدرين من فئة "المهمشين"، وهم فقراء البشرة السمراء ومهاجرين أفارقة سحبتهم مليشيا الحوثي من مسرح عملياتها في محافظة الجوف (شمال شرق) وأوكلت لهم مهمات هجومية في الريف الجنوبي للحديدة، في إجراء يشبه التكيك الذي اتبعته الحملات الصليبية في القرون الوسطى.

كما أوعز الانقلاب الحوثي لقيادات محلية موالية له وضع المقاتلين المنضوين في تشكيلات إرهابية وهم من أبناء الحديدة ويطلق عليها "كتائب تهامة" تحت التأهب.

وحسب المصادر فإن مليشيا الحوثي عززت بجزء من المقاتلين التي استقدمتهم اليومين الماضين إلى جنوب وشرق وشمال غرب مدينة حيس وجزء ثاني إلى شرق وجنوب مديرية الدريهمي، فيما أبقت جزءا آخر في مزارع مديريتي "المنصورية" و"المراوعة".

وتستعد مليشيا الحوثي، طبقا للمصادر، لدعوة "نكف ونشن" هجوم واسع يستهدف السيطرة على مناطق الحديدة المحررة، وقد شرعت للتعبئة الشعبية وإلزام الشيوخ الوجهات الاجتماعية والموظفين تنظيم وقفات احتجاجية إجبارية تحمل القوات اليمنية والتحالف مسؤولية التصعيد في مديرية الدريهمي، في مسعى خلق حراك شعبي للهروب من أي إدانة دولية.

ثقب أسود
في ضوء ذلك، قال مسؤول عسكري رفيع بالقوات المشتركة، فضل عدم ذكر اسمه، إن وفد الحكومة المعترف بها دوليا في البعثة الأممية أوقف العمل مع البعثة الأممية عقب قنص أحد ضباط الارتباط لقواتنا في الحديدة في شهر مارس/أذار الماضي، فيما صعدت المليشيا الحوثية الأعمال القتالية في مدينة الحديدة والدريهمي وحيس على وجه الخصوص ومازالت المعارك مستعرة في تلك المناطق.

ويعد هجوم أمس الإثنين، هو الأخطر بعدما استهدفت عملية هجومية لمليشيا الحوثي تحت غطاء ناري مكثف بالدبابات والمدفعية الثقيلة التوغل العسكري في المحور الشرقي لمدينة الدريهمي وحقق اختراق جزئيا قبل أن تتدخل ألوية الدعم والإسناد لحراس الجمهورية لتعزيز موقف القوات المشتركة اليمنية.

ويحاول الحوثيون كسر حصار وفتح ممر لتعزيز عشرات المجاميع التابعة له داخل مدينة الدريهمي والمحاصرة منذ عامين وترفض الخروج وإطلاق سراح رهائن من المدنيين رغم المحاولات الأممية ومبادرات إجلاء قدمها التحالف العربي بقيادة السعودية.

وخلال 48 ساعة فقط، سجلت القوات المشتركة 27 عملية هجومية لمليشيات الحوثي وهو رقم يشير إلى انهيار ما تبقى من قرار وقف إطلاق النار والذي يشكل الخط العمودي القائم لاتفاق الحديدة.

ودفع الحوثيون فاتورة باهضة ثمنا للتصعيد الميداني وصلت خلال 3 أيام (من الجمعة للأحد) إلى 348 قتيلا وجريحا، وفق احصائية معلنة للقوات المشتركة، والتي وصفت معارك الدريهمي بـ "ثقب الأسود" إذ ابتلع عشرات الحوثيين ولا تزال جثامينهم حتى اللحظة متناثرة في خطوط التماس.

انقلاب على الهدنة
واعتبر أصيل السقلدي، رئيس المركز الإعلامي لألوية العمالقة، استئناف العملية العسكرية من قبل الحوثيين نسفا كاملا لنصوص مسودة اتفاق الحديدة على الأرض، لافتا إلى أن الأمر لم يعد يقف عند الخروقات المتصاعدة بل تصاعد عنف المعارك الدائرة.

وقال السقلدي لـ"العين الإخبارية"، إن اليومين الماضيين شنت مليشيات الحوثي هجمات واسعة تطابق تلك العمليات الانتحارية التي كانت تقدم عليها قبل سريان هدنة الحديدة، وحاولت بسط سيطرتها على مواقع القوات المشتركة، خاصة في قطاعي مدينتي"الدريهمي" و"حيس".

وأكد أن الخسائر البشرية والمادية للحوثيين كانت كبيرة عقب اعتماد القوات المشتركة على تكتيك ردع لأي تجاوزات غير أن تواصل هجوم المليشيات يكشف أن الانقلابيين أكملوا الاستعدادات العسكرية خلال فترة الهدنة وبات الانقلاب عليها يجري على قدم وساق.

وانتقد المسؤول الإعلامي في الألوية المنضوية ضمن القوات المشتركة بالساحل الغربي لليمن، التغاضي الأممي وبيانات بعثة الأمم المتحدة والتي لم تعد تتواجد على الأرض وفاقدة للصلاحية داخل مناطق الحوثيين، لافتا إلى أن استمرار عدم تحديد من يعرقل الهدنة يعقد الوضع أكثر ويفتح معركة كسر عظم تخطط لها المليشيات المدعومة إيرانيا التي تهاجم وتحشد في آن واحد.

فيما اعتبر محمد أنعم، رئيس المركز الإعلامي للمقاومة الوطنية (حراس الجمهورية)، اتفاق ستكهولم تسبب في نشوء بؤر صراعات جديدة كان يمكن تجنبها لو تم استكمال تحرير الحديدة.

وقال أنعم إن الجميع يدرك أن تكلفة استكمال تحرير موانئ ومدينة الحديدة ستكون أقل بكثير من الخسائر التي يدفعها الشعب نتيجة اتفاق ستوكهولم والذي فاقم معاناة اليمنيين وضاعف أعداد الضحايا المدنيين.

من جهته، دعا المتحدث الرسمي للقوات اليمنية المسلحة، العميد الركن عبده مجلي، الأمم المتحدة والمنظمات الدولية للإسراع في إدانة الجرائم والانتهاكات والخروقات، التي تقوم بها المليشيا الحوثية في الحديدة، والقيام بمسؤولياتها في حماية المدنيين، وتصنيفها جماعة إرهابية وهي المعرقلة لاتفاق ستكهولم.

وأشار المسؤول اليمني إلى أن مليشيا الحوثي الانقلابية لم تلتزم باتفاق ستكهولم، وارتكبت آلاف الخروقات والجرائم والانتهاكات منذ عامين، وسط تجاهل أممي في عدم إيقافهم وتصنيفهم جماعة إرهابية، وإيضاح أنهم معرقلون للاتفاق ولكل المبادرات والحوارات.

نقلاً عن «العين الإخبارية»