في Wednesday 28 April, 2021

وزير خارجية باكستان: عملية السلام الأفغانية محفوفة بـ«مخاطر كبيرة للغاية»

وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي
كتب : زوايا عربية - وكالات

قال وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي، إن عملية السلام الأفغانية محفوفة بـ"مخاطر كبيرة للغاية"، مؤكداً في الوقت نفسه على وجود "فرصة ذهبية" للسلام يجب اغتنامها.

وأضاف قريشي خلال مقابلة حصرية مع وكالة الأناضول، أن هناك تخوفًا من "اندلاع حرب أهلية في أفغانستان، وهو ما لا يريده الجميع، إذا لم يكن هناك اتفاق وتسوية سياسية".

وشدد الوزير على أن عملية السلام التي بدأت في العاصمة القطرية الدوحة يجب أن تصل إلى نتيجة منطقية من خلال مؤتمر إسطنبول المرتقب.

وفي 13 أبريل/نيسان الجاري أعلنت الخارجية التركية أن مفاوضات السلام الأفغانية ستنطلق بإسطنبول في 24 من ذات الشهر، قبل أن يعلن وزير الخارجية مولود تشاووش أوغلو، تأجيلها إلى بعد شهر رمضان.

وبوساطة قطرية، انطلقت في 12 سبتمبر/أيلول 2020، مفاوضات سلام تاريخية في الدوحة بين الحكومة الأفغانية وحركة "طالبان" بدعم من الولايات المتحدة، لإنهاء 42 عاما من النزاعات المسلحة بأفغانستان.

وتحدث وزير الخارجية قريشي أيضا عن التعاون الدفاعي الباكستاني التركي المتنامي، قائلا: "إن البلدين يمكن أن يكون لهما مشاريع مشتركة ونقل للتكنولوجيا".

عملية السلام الأفغانية
وحول المخاطر التي تواجهها عملية إيجاد حل دائم للسلام في أفغانستان، قال قريشي: "الرهانات كبيرة، وببساطة إذا لم يكن هناك اتفاق وإذا لم يكن هناك تسوية سياسية فإن الخوف من العودة إلى التسعينات والخوف من دخول أفغانستان في حرب أهلية يلوح فوق رؤوسنا.. وهذا آخر شيء يريده أي شخص منا، وآخر ما تريده باكستان".

وأضاف: "باكستان دفعت ثمناً باهظاً بسبب البيئة غير المستقرة في أفغانستان. . لقد دفعنا ثمناً بشرياً واقتصادياً باهظاً، ولهذا نشعر بأن وجود أفغانستان مستقرة ومسالمة سيخدم المصلحة الوطنية لباكستان".

وحول تأثير المنافسة الجيوسياسية بالمنطقة على عملية السلام بأفغانستان أوضح أن "موقع باكستان الجيوسياسي مهم، وبإمكانها الاستفادة من هذا الوضع من خلال الممر الاقتصادي الذي تم إنشاؤه بين الصين وباكستان كمركز للنشاط الاقتصادي في المنطقة".

وأكمل: "فبعد الانتهاء من هذا المشروع الرائد، ستوفر باكستان فرصة كبيرة للدول غير الساحلية مثل أفغانستان وجمهوريات آسيا الوسطى".

واستطرد: "سيصبح لديهم أقصر طريق للمياه الدافئة والموانئ، وستتضاعف الأنشطة التجارية، وسيكون هناك فرص عمل. نحن نعمل على تطوير مناطق اقتصادية خاصة على طول الممر الاقتصادي".

وأردف: "لذلك نعتقد أنه يمكن تحويل هذه البيئة التنافسية الإقليمية إلى مصلحتنا المتبادلة، نريد أن نخلق وضعًا يربح فيه الجميع الصين وروسيا وجمهوريات آسيا الوسطى والمنطقة بأكملها ستستفيد منه".

وتابع: "ولا تقتصر الاستفادة على المنطقة، بل إن الدول الغربية والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وأي مهتم بالقدوم والاستثمار بهذه المجالات سنرحب به، لذلك يمكن تحويل المنافسة إلى مركز مفيد للطرفين".

وبخصوص الانسحاب الأمريكي ودوره في تسريع الاستقرار بأفغانستان، قال إن قرار الإدارة الأمريكية السابقة كان الانسحاب بحلول الأول من مايو/أيار المقبل، ولكن إدارة جو بايدن، ولأسباب لوجستية، قالت إنها ملتزمة بالاتفاق السابق على أن تبدأ عملية الانسحاب في الأول من مايو وتكتمل بحلول 11 سبتمبر/أيلول 2021.

وأضاف أن هذا هو "أحد المطالب المهمة جدًا لطالبان أثناء المفاوضات مع الولايات المتحدة، إذ يقولون إنهم يريدون إخراج القوات الأجنبية من أفغانستان، وإن ذلك سيسهل عملية السلام".

وتابع: "آمل أن تدرك طالبان هذه الفرصة الجديدة، وأن تظل منخرطة في عملية السلام، وسنحاول بالتأكيد حثهم على الاستمرار في المشاركة بعملية السلام.. العملية التي بدأت في الدوحة، يجب أن تصل إلى نتيجة منطقية من خلال مؤتمر إسطنبول".

ولدى سؤاله عن القضايا الرئيسية والعقبات التي يجب على الأطراف التغلب عليها خلال مؤتمر إسطنبول، شدد قريشي على أن "القرار يجب أن يُتخذ، والقضايا يجب أن يحلها الأفغان أنفسهم. طالبان والجماعات العرقية الأخرى في أفغانستان والحكومة التي ستنتخب، عليهم الجلوس والتصالح مع الوضع الجديد".

وأضاف: "لقد رأى جميع الأطراف أنهم استمروا في هذا الصراع لعقود دون وجود أي نهاية قريبة، فلو كان هناك حل عسكري، لكان بإمكانهم تحقيقه، لطالما دعت باكستان إلى عدم وجود حل عسكري للصراع الأفغاني، لطالما دعونا إلى تسوية سياسية تفاوضية، ويسعدنا اليوم أن المنطقة والعالم بأسره قد توصلوا إلى هذا الاستنتاج، وحدث هذا التقارب".

ورأى قريشي أن هناك فرصة ذهبية يجب على الأفغان اغتنامها والجلوس فيما بينهم وتحديد نوع الدستور الذي يريدونه، وأي نوع من النظم السياسية يريدون، وكيف يريدون أن يتفاوضوا من أجل السلام "نحن كجيران وأجانب لا يسعنا إلا المساعدة والتسهيل، لا يمكننا اتخاذ قرارات".

وتابع: "اتخذت باكستان موقفا واضحا للغاية مفاده أننا سنحترم القرار ونتائج المفاوضات بين الأفغان. نحن نتطلع إلى الأمام، ونطلب من جميع أصحاب المصالح أن يظلوا بنّاءين، وأن يظلوا مشاركين، وأن يستمروا في البناء على ما حققوه في الدوحة".

ونوه قريشي إلى وجود مفسدين لهذه العملية من داخل أفغانستان قائلا: "هناك عناصر استفادت من اقتصاد الحرب وكسبت مليارات، وهناك عناصر خارج أفغانستان يريدون أن تظل البلاد غير مستقرة بسبب استخدام الأراضي الأفغانية لتحقيق أهدافهم الوطنية، فمع الاعتراف بوجود مفسدين يجب أن ندرك أيضًا أن هناك فرصة كبيرة لا ينبغي تفويتها".

زيارة رئاسية مرتقبة إلى تركيا
وحول العلاقات التركية الباكستانية قال قريشي: "لدينا علاقة فريدة جدًا مع تركيا، علاقاتنا دائمًا ودية وأخويه، لقد وقفنا دائمًا مع بعضنا البعض في السراء والضراء، أنا ممتن بشكل خاص لتركيا وقيادتها للدفاع عن قضية الكشميريين، واتخاذ موقف واضح للغاية بشأن نزاع جامو وكشمير".

وحول احتمالية زيارة رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان إلى تركيا، أشار قريشي إلى أن "هناك زيارة مرتقبة"، دون تحديد موعد.

وقال بهذا الصدد: "نعم سيكون هناك زيارة رفيعة المستوى، فعندما كان الرئيس رجب طيب أردوغان في باكستان في فبراير 2020، تم توقيع اتفاقية إطار عمل جديدة بين البلدين، وتوفر تلك الاتفاقية الجديدة آلية لتعزيز التكامل الاقتصادي وزيادة الوجود الاقتصادي لتركيا وباكستان وتعزيز التجارة الثنائية وتشجيع الاستثمارات بين الجانبين".

وأضاف: "حددت تلك الاتفاقية إطاراً لعلاقة جديدة، فلدينا علاقات سياسية ممتازة، ولكن علاقاتنا الاقتصادية لا تتناسب مع علاقاتنا السياسية الممتازة، والآن نحن نركز على تطوير جانب سياسي أقوى. لذلك سيعقد اجتماع مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى في تركيا وسيحضره رئيس الوزراء عمران خان. ونأمل أن نمضي قدمًا في ذلك".

وبخصوص الشراكة في القضايا الأمنية بين تركيا وباكستان، أكد قريشي أن الشراكة في هذا الجانب "تسير بشكل أفضل مما كان متوقعا، لدينا تعاون دفاعي جيد آخذ في الازدياد".

وتابع بهذا الخصوص: "بإمكان البلدين التعاون في العديد من المجالات، يمكن أن يكون لدينا مشاريع مشتركة، نرى أن تركيا وباكستان محرومتان من أحدث التقنيات ومن حقنا الحصول عليها وسنعمل بشكل جماعي على ذلك".

الإسلاموفوبيا والهجرة غير الشرعية
وعبر قريشي عن سعادته لتوافق وجهات النظر بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء عمران خان حول ظاهرة الإسلاموفوبيا التي تعد تحديًا جديدًا.

وأضاف: " يجب أن تقوم الدول الإسلامية المهمة بخلق إجماع وسط الأمة، ثم التحدث مع الغرب حول كيفية معالجة قضية الإسلاموفوبيا".

وتابع: "عندما كنت في طهران وبحثت الأمر مع وزير الخارجية جواد ظريف، رحبت إيران بذلك. كما ناقشت الأمر مع وزير الخارجية التركي ورحب بذلك أيضا، وأعتزم التحدث إلى وزيرة الخارجية الإندونيسية (ريتنو مارسودي)، وخلال شهر رمضان، عندما أرافق رئيس الوزراء (عمران خان) إلى السعودية، سأتناول هذه المسألة مع وزير خارجيتها (فيصل بن فرحان) أيضا".

وبخصوص الهجرة غير النظامية وخاصة القادمة من أفغانستان، أكد قريشي أنها "مشكلة حقيقية" تمت مناقشتها مع وزير الخارجية التركي في إسلام أباد ونوقشت مرة أخرى في اسطنبول أيضا.

وقال قريشي: "اتفقنا على تبني نهج شامل تجاه هذه المشكلة لأن الأمر لا يقتصر على تركيا وأفغانستان فقط، فنحن بحاجة إلى شركاء آخرين لمعالجة هذه المشكلة".

العلاقات الهندية الباكستانية
وفيما يتعلق بالعلاقات بين الهند وباكستان وقضية كشمير واحتمالية عودة التوترات فيها، أشار قريشي إلى أن هناك عدة قضايا "عالقة" مع الهند، منها كشمير.

وأكد أن "الطريقة المعقولة الوحيدة للمضي قدمًا هي الحوار.. نحن طرفان مهيمنان وجيران.. لا يمكننا تحمل خوض الحرب، لأنها ستكون انتحارًا للطرفين، ولن يدافع أي شخص عاقل عن سياسة من هذا القبيل. لذا نحن بحاجة إلى الجلوس والتحدث".

وأضاف: "من هرب من المحادثات وابتعد عنها وعلّق الحوار المشترك والحوار الشامل هي الهند وليس باكستان، لطالما أبدت باكستان استعدادها للمشاركة".

وأشار قرشي إلى تطور جديد وصفه بـ"الإيجابي" يتعلق باتصال ثنائي بين المدير العام للعمليات العسكرية في البلدين، اتفقا خلاله على إعادة الالتزام بوقف إطلاق النار على طول خط السيطرة"، الذي تُزهق فيه أرواح الأبرياء على كلا الجانبين.

وفي حديثه حول أفضل وأسوأ السيناريوهات المحتملة خلال الأشهر القليلة المقبلة، شدد قريشي على أهمية أن يكون لدينا "الأمل في الأفضل، والاستعداد للأسوأ".

وأضاف: "أنا متفائل وأنظر إلى الأمور بموضوعية وبشكل إيجابي، نحن ننظر إلى القضايا سواء مع الهند أو أفغانستان بشكل إيجابي وبنّاء لأننا نريد السلام ونريد الاستقرار".

وبدأ النزاع على إقليم كشمير بين باكستان والهند منذ استقلالهما عن بريطانيا عام 1947، ونشبت 3 حروب بينهما في أعوام 1948 و1965 و1971، أسفرت عن مقتل قرابة 70 ألفا من الطرفين.

ويطلق اسم "جامو وكشمير" على الجزء الخاضع لسيطرة نيودلهي من إقليم كشمير، الذي يضم جماعات تكافح منذ 1989، ضد ما تعتبره "احتلالا هنديا" لمناطقها.

وشغل قريشي منصب وزير الخارجية مرتين، الأولى بين عامي 2008-2011، والثانية منذ تعيينه في أغسطس/آب 2018 وحتى الآن.