في Saturday 26 June, 2021

تركيا تبدأ مهمة عسكرية «مستحيلة» في أفغانستان

كتب : زوايا عربية - متابعات

بينما تتواصل الاجتماعات العسكرية والسياسية بين تركيا والولايات المُتحدة، بشأن تفاصيل المهمة الأمنية لتركيا في أفغانستان، فإن حركة طالبان تزيد تراكم المناطق التي تسيطر عليها في البلاد، بزخم متقادم، مستفيدة من انهيار معنويات القوات النظامية الأفغانية مع اقتراب موعد الانسحاب الأمريكي.


في الأثناء، يتوقع المراقبون للمشهد الأفغاني إمكانية سقوط العاصمة الأفغانية كابل نفسها بعد فترة وجيزة من الانسحاب الأمريكي، الأمر الذي يُصعب المهمة التُركية هناك، التي غالباً لن تستطيع الحفاظ على ما لم تتمكن القوات الأمريكية الحفاظ عليه، وبعد عشرين سنة من النشاط الميداني هناك.

وكانت الأنباء المتواردة من أفغانستان تقول إنه ما لا يقل عن 10 مقاطعات من 7 أقاليم مختلفة قد سقطت بأيادي مقاتلي الحركة خلال الأيام الماضية، وبذا تكون 60 مقاطعة في مختلف نواحي البلاد قد صارت تحت سيطرتهم، وأن منطقة تُقدر بحوالي 22 في المئة من المساحات الكثيفة سكانياً، وما يتجاوز ثلثي مساحة البلاد العمومية قد صارت تحت سيطرة الحركة، وأن مناطق سيطرتها أصبحت خالية من مختلف مؤسسات الدولة الرسمية، بما في ذلك القطاعات التعليمية والشرطية.

الأهم في تلك الأنباء هو الإشارة إلى أن الكثير من المقاطعات الساقطة إنما هي مراكز الأقاليم، أي أنها تشكل مراكز حضرية وأماكن تمركز رئيسية للقوات الحكومية، مثل مقاطعات "بغلان" و"نهرين" و"بول خمري" و"خماب".

الأنباء الأصعب بالنسبة للمهمة التركية تأتت من شمال شرقي أفغانستان، إذ صرح مسؤولون محليون بأن مقاطعة كوشنده في إقليم بلخ الشمالي ومقاطعة "ميناء شير خان" التي تشكل مركزاً لمنطقة "قندز" الشمالية قد صار تحت سيطرة الحركة، وتالياً فإن الحدود الأفغانية مع كُل من طاجاكستان وأوزبكستان قد صارتا خارج سيطرة الحكومة المركزية، والمسألة لم تعد مُجرد صراع داخلي، بل تتجاوزه لتكون صراعاً إقليمياً على مستقبل هذا البلد الاستراتيجي.

الباحث والكاتب التُركي سنان أونجو شرح، في حديث مع سكاي نيوز عربية، أشكال الاستقطاب والتصارع الإقليمي حول أفغانستان، والتي ستمنع تركيا البعيدة جغرافياً وثقافياً واقتصادياً عن أفغانستان من مزاحمة الآخرين، وهي لا تستند إلا على الدعم الأميركي "على الأقل ثمة 3 متنافسين (أقوياء للغاية)، سيتمكنون في المحصلة من تقاسم النفوذ هناك. إيران وروسيا وباكستان هي مراكز الاستقطاب التاريخية لأفغانستان، وتعمل راهناً على هيكلة استراتيجية مناسبة لمرحلة ما بعد الانسحاب الأميركي".

وأوضح قائلا :"إيران عبر إغراء الصين بالتعاون معها في سبيل طريق الحرير الآسيوي الاقتصادي العابر للأراضي الأفغانية. أما باكستان فعبر تواصل وتداخل مع قوى الإسلام السياسي والقبلي المحلية، بما فيها تنظيم طالبان. وروسيا بدورها تضبط إيقاع علاقاتها التاريخية مع القوميات الأفغانية غير المركزية في الشمال، لتؤهلها لخلق مساحة نفوذ مناطقية على الأقل".

وكانت قمة زعماء حلف الناتو الأخيرة في العاصمة البلجيكية بروكسل قد شهدت توافقاً مع بين تركيا والولايات المُتحدة خلال الاجتماع الذي ضم رئيسي البلدين على أن تتولى القوات التُركية مهام أمن مطار كابل المدني، بالإضافة إلى مهام تدريبية يُمكن أن يقوم بها الجيش التركي لصالح نظيره الافغاني في القاعدة العسكرية التركية في قطر. وتواصلت منذ ذلك الحين الاجتماعات الثنائية بين مسؤولي البلدين، حيث طلبت تُركيا دعماً لوجستياً وسياسياً وعسكرياً من قِبل الولايات المُتحدة للقيام بمهامها.