في Wednesday 16 October, 2019

الأقتصاد التركي علي حافة الهاوية

صورة أرشيفية

أصبح الاقتصاد التركي هشا أكثر من أي وقت مضى، إذ يعاني من ارتفاع معدلات التضخم، وانهيار قيمة العملة، وتنامي مستويات الديون، هذا إلى جانب التهديد الذي أطلقه الرئيس الأميركي بتدمير اقتصاد تركيا على خلفية غزوها لسوريا.


والجدير بالذكر أن البيت الأبيض والكونغرس الأميركي مختلفان حول تركيا أكثر من أي وقت مضى،لكن فإن عدائية التهديدات الاقتصادية التي أطلقها كل من الرئيس ترامب، وزعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ في الأيام الأخيرة كانت متشابهة، إذ تعهدا تباعا "بتدمير اقتصاد تركيا ومحوه"، وفرض "عقوبات من الجحيم" على البلاد بسبب غزوها شمال شرق سوريا.

ويذكر أن الاقتصاد التركي بعدما لامس القاع في صيف 2018، استقر إلى حد ما، وربما هذا ما أقنع أنقرة بأنها مستعدة للتعامل مع أي شيء يأتي بعد ذلك، إلا أن الغزو التركي لسوريا سيعرض اقتصاد البلاد للخطر، وسط التهديد بالعقوبات الأميركية، وربما يدفع حتى الاتحاد الأوروبي لتوجيه ضربة اقتصادية ضد أنقرة.

ويذكر أن الاقتصاد التركي بأنه ما يزال هشا، حيث إذ انخفضت قيمة العملة منتصف أغسطس 2018 إلى 6.95 ليرة مقابل الدولار، لكنها استقرت منذ ذلك الحين.

وبعدما شنت أنقرة هجومها على شمال شرق سوريا، بعد ظهر يوم 9 أكتوبر، لم تنخفض العملة إلا بشكل طفيف، لكن حتى لو كانت الليرة أقوى مما كانت عليه قبل 14 شهرا، فإن اقتصاد تركيا ما يزال هشا بدرجة كافية، بحيث يمكن أن تتسبب صدمة خارجية، مثل العقوبات الأميركية، في إلحاق أضرار جسيمة به، ما يؤدي إلى انخفاض عملة البلاد مرة أخرى.

الفجوة بين الكونغرس والبيت الأبيض بشأن تركيا تتعمق، إذ يبدو أن بعض أعضاء الكونغرس مصممون أكثر من أي وقت مضى على معاقبة تركيا على تصرفاتها في سوريا، معربين عن غضبهم العميق من الكيفية التي تجاهل بها البيت الأبيض مخاوفهم، وهذا يعني أن هناك احتمالية عالية لفرض عقوبات تأديبية.

وقد قام السيناتور ليندسي غراهام وكريس فان هولين، بصياغة مشروع قانون يجمع الحزبين الجمهوري والديمقراطي، يتضمن عقوبات تتراوح ما بين القيود المفروضة على مبيعات الأسلحة والمساعدة العسكرية لتركيا، إلى عقوبات محددة تستهدف الأفراد، بما في ذلك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والقطاعات الاقتصادية.

علي جانب أخر أكد الاتحاد الأوروبي أنه لن يتخذ إجراء مستقلا عن الولايات المتحدة يمكن أن يلحق الضرر ماليا بتركيا.

وعلى الرغم من أن أي عقوبات أو إجراءات من جانب الأمم المتحدة من غير المحتمل أن تكون قوية بدرجة كافية لإثناء تركيا عن السعي لتحقيق أهدافها في سوريا، فإن تركيا قد تواجه تدابير عقابية من الاتحاد الأوروبي تشمل وقف اتفاقيات التعاون بين بروكسل وأنقرة، وكذلك وضع حد لأموال عملية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.


وقام ترامب بإستهداف الاقتصاد التركي بسلسلة من التعريفات الجمركية، ردا على المشاحنات التجارية، وكذلك نوايا أنقرة في سوريا وتقاربها المتزايد مع روسيا.

وصرح الرئيس الأمريكي في صباح يوم 10 أغسطس 2018، في تغريدة عبر موقع التواصل الأجتماعي تويتر، قائلا إنه سمح بمضاعفة التعريفات الجمركية على واردات الصلب والألمنيوم من تركيا، إذ ارتفعت التعريفات إلى 20 في المئة على الألمنيوم و50 في المئة على الصلب.

و تقرير نشر في ذلك اليوم أن هذه التعريفات ستؤدي لاصطدام الحملة الانتخابية لأردوغان، المعتمدة على فكرة القومية، وسياسة "أمريكا أولا" التي ينتهجها ترامب، فإعلان الرئيس الأميركي عن التعريفات الجمركية لن يؤدي إلا إلى تأجيج رواية أردوغان عن الحرب الاقتصادية، إذ يرى أن مصدر المحن الاقتصادية التركية يقع خارج حدودها.


وحتى بدون التهديد بالعقوبات الأمريكية، فأن الاقتصاد التركي مر بصعوبات تنبع خاصة من المبالغ الهائلة لديون الشركات، فضلا عن التضخم الشديد الذي يعاني منه الاقتصاد وسوء أداء العملة.
و يذكر أن الولايات المتحدة في وضع يمكنها من الإضرار بالاقتصاد التركي جزئيا بسبب الهشاشة الاقتصادية للأخيرة، فالشركات التركية مثقلة بمديونية عالية، يبلغ مجموعها حوالي 200 مليار دولار يتعين عليها سدادها في عام 2019، ومعظم هذا الدين مقوم بالدولار واليورو، ما يعني أن الشركات ستكافح لتسديدها إذا ظلت الليرة ضعيفة.

كما أن البلاد تعاني أيضا من ارتفاع معدلات التضخم، وانخفاض الاستهلاك، وقلة ثقة المستثمرين الناجمة جزئيا عن التصور بأن البلاد تفتقر إلى سيادة القانون.