في Monday 6 September, 2021

المغرب: حزب «الحركة الشعبية» يبحث عن موطئ قدم بالحكومة

حزب الحركة الشعبية المغرب
كتب : زوايا عربية - وكالات

يمر حزب "الحركة الشعبية" المغربي المشارك بالائتلاف الحكومي، من مفترق طرق، خاصة بعد تصدر موضوع الأمازيغية (الثقافة واللغة) سلم اهتمامه على بعد يومين من الانتخابات التشريعية والمحلية.

ولا يزال الحزب الرافع ليافطة الأمازيغية، قويًا في الأرياف وقادر على الظفر بعدد من المقاعد البرلمانية بالوسط القروي، في وقت يجري تفعيل الأمازيغية بالحياة العامة بشكل بطيء.

وفي 31 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أعلن الحزب و"جبهة العمل السياسي الأمازيغي"، عن اتفاق يقضي بانضمام نشطاء الجبهة إلى الحزب.

ويعود تأسيس حزب "الحركة الشعبية" لعام 1959 على يد المحجوبي أحرضان، وعبد الكريم الخطيب، والحسن اليوسي، ومبارك البكاي (رئيس أول حكومة في المغرب بعد الاستقلال عام 1956).

وحصل الحزب على 32 مقعدا بالبرلمان (من أصل 395) في انتخابات 2011، محتلا المرتبة السادسة، في حين تقدم للمركز الخامس في انتخابات 2016 بـ27 مقعدا، حيث يشارك في الحكومة الحالية.

وتم تأسيس "جبهة العمل السياسي الأمازيغي" في ديسمبر/ كانون الأول 2019، من طرف نشطاء أمازيغ، بهدف إدماج الأمازيغية في عدد من المجالات بالمغرب، منها العمل السياسي.

"تسييس" الأمازيغية
تعليقا على الاتفاق مع "جبهة العمل السياسي الأمازيغي"، قال امحند العنصر، الأمين العام للحزب، إن ذلك يأتي "بعد شهور من الاشتغال الجاد المستمر، تعطي انطلاقة للترافع على اعتبار الأمازيغية قضية هوياتية يملكها جميع المغاربة".

وأضاف خلال حفل توقيع الاتفاق: "كما أنها بداية انطلاق عمل حقيقي لإعطاء اللغة والثقافة الأمازيغية مكانتها في جميع مناحي الحياة العامة، وذلك في مواقع مختلفة حزبية كانت أو جمعوية".

وأفاد بأن "الحزب لم يسع منذ تأسيسه إلى تسييس المسألة الأمازيغية لكسب رهانات انتخابية"، موضحًا أنه "لا يمكن اختزال المسألة الأمازيغية في صراعات سياسية أو تنافس سياسي".

يُذكر أن الأمازيغ هم شعوب أهلية تسكن المنطقة الممتدة من واحة سيوة غربي مصر شرقا، إلى المحيط الأطلسي غربا، ومن البحر المتوسط شمالا إلى الصحراء الكبرى جنوبا.‎

ويتحدث 27 بالمئة من المغاربة اللغة الأمازيغية، بحسب آخر إحصاء رسمي للسكان عام 2014.
وينص الفصـل الخامس من الدستور المغربي، على أن العربية "تظل اللغة الرسمية للدولة، وتعمل الدولة على حمايتها وتطويرها، وتنمية استعمالها".

كما "تعد الأمازيغية أيضا لغة رسمية للدولة، باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة، بدون استثناء"، وفق تعديلات أقرت عام 2011.

وجود ضعيف
عبد الحفيظ اليونسي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة "الحسن الأول" (حكومية)، يقول إن "سياق إخراج حزب الحركة الشعبية إلى المشهد الحزبي يؤكد أنه بنى جزءا من خطابه ومشروعه على فكرة الدفاع عن الأمازيغية".

ويضيف اليونسي للأناضول: "لكن عمليا ينشط (الحزب) بالمجال الذي تسيطر عليه أمازيغية الأطلس المتوسط (وسط المغرب)، خاصة في مدن خنيفرة وبني ملال والراشيدية والخميسات".
ويوضح أن "تمثيل الأمازيغ هي مسألة نسبية لأن وجود الحزب ميدانيا ضعيف ومقتصر على شبكة الأعيان بالمنطقة".

ويتابع: "الآن هناك موضة حزبية جديدة وهي إدماج المجتمع المدني الناشط في الأمازيغية بالمشهد السياسي بهدف تجديد التواجد الميداني، وهو ما ينطبق على الحركة الشعبية".

وبخصوص مستقبل الحزب في المحطات الانتخابية، يعتبر أنه "لن يكون هناك تغيير كبير من حيث حضور الحزب في نتائج الانتخابات النيابية، خصوصا بعد وفاة المؤسس المحجوب أحرضان وغياب مرشح قوي لخلافة الأمين العام الحالي".

ويستطرد: "مما ينذر بدخول الحزب في أزمة قيادة قد ينعكس على حضور الحزب الانتخابي".
وفي 15 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، توفي المحجوبي أحرضان مؤسس الحزب عن عمر ناهز 100 عاما، بعد معاناة مع المرض.

وتقلد أحرضان العديد من المناصب الرفيعة في الدولة، منها وزير الدفاع بين عامي (1961- 1964)، ووزيرا للدولة مكلفا بالدفاع الوطني، بين فبراير/ شباط 1966 ومارس/ آذار 1967، كما تولى منصب وزير دولة مكلف بالبريد والمواصلات عام 1977.

تقوية القاعدة الانتخابية
بدوره، يقول سلمان بونعمان، أستاذ العلوم السياسية بجامعة "سيدي محمد بن عبد الله" (حكومية): "رفع حزب الحركة الشعبية يافطة الدفاع عن الأمازيغية وتكثيف تحركاته في الموضوع يشكل فرصة للحزب لإعادة إحياء أيديولوجيته السياسية ومحاولة لتقوية قاعدته حول قضية معينة والدفاع عنها".

ويضيف بونعمان للأناضول: "التحركات الجارية تندرج ضمن مسار الاستعداد للمحطات الانتخابية لعام 2021، ولإحياء الحركة الشعبية كحزب، وللدفاع عن الأمازيغية".

ويردف: "الواقع الحالي يؤكد أن الحزب يبحث عن أطروحة وقضية واضحة يناضل من أجلها، كما أنه يحاول استقطاب الأعيان الانتخابيين كما حصل في السابق رغم وجود منافسين أقوياء، ويراهن على الظفر بثقة الناخبين في المناطق الأمازيغية الكلاسيكية".

ويرى الأكاديمي المغربي أنه "لا يمكن قراءة تحركاته (الحزب) في الوقت الراهن إلا كمحاولة لإعادة تموقعه السياسي قبل المحطة الانتخابية".

ويلفت إلى أن "دفاع الحركة الشعبية عن الأمازيغية ليس فكرة استراتيجية كما قد يبدو، بل أملتها الظرفية الراهنة لأجل استثمارها في تقوية كتلته الناخبة وتنشيط الجسم الحزبي".

ويستدرك: "كل ذلك مفهوم في سياق الاستعدادات لاستقطاب أطر حزبية، وترتيب التحالفات المحلية".

وتجري بالمغرب انتخابات برلمانية وبلدية في 8 سبتمبر/أيلول الجاري، وتشتد المنافسة بين حزبي "العدالة والتنمية" (قائد الائتلاف الحكومي) و"التجمع الوطني للأحرار" (مشارك بالائتلاف).

كما يبرز حزبا "الأصالة والمعاصرة" و"الاستقلال" (معارضان) في المشهد السياسي كقوة انتخابية.

ويبلغ عدد الناخبين في المغرب 17 مليونا و983 ألفا و490 (من أصل نحو 36 مليون نسمة)، وفق بيانات رسمية.