في Tuesday 28 September, 2021

خلافات العسكر والمدنيين.. سيناريوهات تحدد مستقبل الانتقال بالسودان

صورة أرشيفية
كتب : زوايا عربية - وكالات

تفجرت الأوضاع بين مكونات السلطة في السودان، قوى "إعلان الحرية والتغيير" والمكون العسكري، خلال اليومين الماضيين، ما يهدد مسيرة الفترة الانتقالية التي تشهدها البلاد وتنتهي في يناير/ كانون الثاني 2024 بانتخابات ديمقراطية.

وجاء هذا التوتر في الأوضاع، عقب إعلان الجيش السوداني، الثلاثاء الماضي، إحباط محاولة انقلاب فاشلة قال إنه تقف خلفها عناصر عسكرية.

وفي اليوم التالي، قال رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، خلال حفل تخريج قوات عسكرية غربي العاصمة الخرطوم، إن "القوى السياسية غير مهتمة بمشاكل المواطنين"، فيما اعتبر نائبه محمد حمدان دقلو "حميدتي" أن "السياسيين هم السبب في الانقلابات العسكرية".

ورد محمد الفكي سليمان، أحد أعضاء المجلس من المكون المدني، خلال مقابلة مع تلفزيون "السودان" (رسمي)، الجمعة، قائلا إن "هناك محاولة من المكون العسكري لتعديل المعادلة السياسية وهذا مخل بعملية الشراكة"، واصفا ذلك بأنه "الانقلاب الحقيقي".

كما أفاد مصدر حكومي سوداني، الأحد، أن "المكون العسكري في مجلس السيادة علق جميع الاجتماعات مع المكون المدني".

وأضاف المصدر للأناضول، طالبا عدم نشر اسمه: ‎"هناك أنباء عن سحب حراسات (أمنية وعسكرية) وزراء الحكومة الانتقالية في ظل الأجواء المشحونة"، وهو ما لم يتسن الحصول على تعليق بشأنه من المكون العسكري بالسلطة الانتقالية.

وفي إطار التوتر، دعا تجمع المهنيين السودانيين (قائد الحراك الاحتجاجي)، في بيان له الأحد، إلى "إنهاء الشراكة" مع المجلس العسكري وإلغاء الوثيقة الدستورية، وتشكيل "حكم مدني خالص".

فيما دعا رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، في بيان الأحد، كل الأطراف المعنية في بلاده إلى الالتزام الصارم بالوثيقة الدستورية، معتبرا أن "الصراع" الحالي ليس بين عسكريين ومدنيين.

ومنذ 21 أغسطس/ آب 2019، يعيش السودان فترة انتقالية تستمر 53 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، يتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقعت مع الحكومة اتفاق سلام، في 3 أكتوبر/تشرين أول الماضي.

وبحسب مراقبين، فإن هذا هو الخلاف الأكبر الذي يقع بين شركاء السلطة الانتقالية التي حققت نجاحا في ملفات وما زالت متعثرة في أخرى، فقد استطاعت إزالة اسم السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، إضافة لإعفاء البلاد من جزء مهم من ديونها الخارجية.

إلا أنها أخفقت في تحقيق التقدم في ملفات منها هيكلة المؤسسة العسكرية وتشكيل المجلس التشريعي وتحسين الوضع الاقتصادي.
وترسم هذه الخلافات عدة سيناريوهات يمكن أن تحدث في الأيام المقبلة ستحدد مصير الشراكة بين المدنيين والعسكريين في السودان، وبالتالي مصير الفترة الانتقالية.

سيناريو الحوار
وأقرب هذه السيناريوهات هو الحوار بين الطرفين لتجاوز الأزمة، وحول ذلك يقول المحلل السياسي، إسماعيل حسابو، لمراسل الأناضول، إن "الضغوط الدولية والإقليمية على الطرفين بالتأكيد ستثمر عن توصلهم لصيغة تنهي هذا الخلاف".

وأضاف حسابو: "كما أن رفض القوى السياسية والشارع لسيطرة العسكريين على السلطة، على الرغم عن عدم رضاهم عن الضائقة الاقتصادية بالبلاد كفيل بجعل الطرفين يتجهان للتفاوض".
ويشير إلى أن المجتمع الدولي والإقليمي سيضغط باتجاه دفع الأمور نحو الحل التوافقي، واستلام المدنيين لرئاسة المجلس لإكمال الفترة الانتقالية.

انفراد العسكر والانتخابات المبكرة
انفراد العسكريين الموجودين بالسلطة من خلال المجلس السيادي، أو عن طريق انقلاب عسكري، هو سيناريو تصحبه تعقيدات كثيرة، أبرزها الرفض الداخلي والدولي لأي انتقال غير مدني بالسودان.

كما أن العسكريين في السلطة وعلى رأسهم عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة، يؤكدون مرارا على أنهم غير راغبين في الحكم بل هم يتواجدون حاليا في السلطة لضمان انتقال سلمي في البلاد.

أما السيطرة على الحكم عن طريق انقلاب عسكري فهي مستبعدة في ظل الرفض الشعبي والإقليمي والدولي لأي انقلاب يمنح الجيش وحده السلطة لاسيما بعد ردود الفعل القوية الرافضة له عقب محاولة الانقلاب الفاشلة، الثلاثاء الماضي، وفق مراقبين.

والأربعاء، أدان مجلس الأمن الدولي، بإجماع 15 دولة، محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في السودان، مؤكدا دعمه الكامل لرئيس الوزراء عبد الله حمدوك.

كما أدان محاولة الانقلاب الاتحادان الأوروبي والإفريقي ومنظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية، وعدد من الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة، وبريطانيا وفرنسا وروسيا، ودول الجوار الإفريقي والعربي.

ويرى المحلل السياسي يوسف سراج الدين، أن استفراد العسكر بالسلطة سواء الموجودين حاليا أو عن طريق انقلاب من الصعب أن يتحقق.

ويقول سراج الدين للأناضول، إن "أقصى ما يمكن أن يحدث إذا لم ينتبه المدنيين هو أن تأتي انتخابات مبكرة حيث أن القوى السياسية ليست جاهزة حتى الآن للدخول في معترك انتخابي".

ويرى أن أسوأ سيناريو يمكن أن يحدث هو عدم اكتمال الفترة الانتقالية، وقيام انتخابات مبكرة ما يدخل البلاد في أزمات مستمرة لعدم اكتمال إصلاح أجهزة الدولة حتى الآن.

فض الشراكة
ويعد سيناريو فض الشراكة بين المدنيين والعسكريين الأخطر من بين السيناريوهات المتوقعة، حيث سيعلن كل طرف حقه في السلطة وبالتالي تدخل البلاد في أزمة قد يستعصي معها الحل، وفق المحللين.

يرى المحلل السياسي، وليد النور زكريا، في حديثه للأناضول، أن "العسكريين يحاولون تطبيق هذا السيناريو من خلال استقطاب بعض قوى الحرية والتغيير، ومكونات سياسية أخرى بما فيها الكيانات (الحركات المسلحة) التي وقعت في اتفاق السلام بجوبا".

ويضيف زكريا أن "هذا السيناريو لن ينجح في ظل تماسك قوى الحرية والتغيير واستنفار الشارع ضد أي نكوص عن انتقال مدني للسلطة في البلاد".

وفي تصريحات له الأحد، أعلن رئيس مجلس السيادة الانتقالي، خلال اجتماع مع ضباط بالجيش، التمسك بإجراء الانتخابات في موعدها، وتعهد بعدم الانقلاب على الثورة، واصفا ما يتردد عن اعتزام الجيش تنفيذ انقلاب بأنه "محض افتراء".

وقال البرهان: "إننا حريصون على استكمال مسيرة الانتقال وصولا للتحول الديمقراطي وبناء دولة الحرية والسلام والعدالة"، بحسب بيان للجيش.

في 11 أبريل/ نيسان 2019، عزلت قيادة الجيش عمر البشير من الرئاسة (1989-2019)؛ تحت ضغط احتجاجات شعبية منددة بتردي الأوضاع الاقتصادية.

وفي 17 أغسطس/ آب من العام ذاته، وقع المجلس العسكري (منحل) وائتلاف قوى إعلان الحرية والتغيير (قائد الاحتجاجات على نظام البشير) وثيقة دستورية بشأن تكوين هياكل السلطة خلال المرحلة الانتقالية.

وخلال الفترة الانتقالية، تدير البلاد حكومة مدنية ومجلس سيادة مكون من 14 عضوا، هم: 5 عسكريين و6 مدنيين و3 من الحركات المسلحة.