في Wednesday 9 February, 2022

واشنطن تسلح الأردن بمقاتلات F16.. تحقيق للردع و«رسالة» لإيران

كتب : زوايا عربية - وكالات

اعتبر محللان عسكري وسياسي أن إعلان الولايات المتحدة صفقة لبيع الأردن طائرات مقاتلة متطورة من طراز "إف 16" هو تحقيق لمفهوم "الردع المتكامل"، و"رسالة غير مباشرة" لإيران بأن كل الخيارات مطروحة على الطاولة، بما فيها الحل العسكري.

وتتهم عواصم إقليمية وغربية، في مقدمتها واشنطن، إيران بامتلاك أجندة توسعية في منطقة الشرق الأوسط، والتدخل في الشؤون الداخلية لدول عربية، والسعي إلى إنتاج أسلحة نووية، بينما تقول طهران إنها تلتزم بعلاقات حُسن الجوار، وإن برنامجها النووي مصمم لأغراض سلمية.

والجمعة، وافقت وزارة الخارجية الأمريكية على صفقة عسكرية محتملة لمصلحة الأردن، تتضمن 16 طائرة من طراز "F-16 C / D Block 70"، إضافة إلى معدات تبلغ تكلفتها 4.21 مليارات دولار، بحسب قسم الشؤون السياسية والعسكرية بالوزارة.

ونشر القسم، عبر تويتر، بيانا لوكالة التعاون الأمني بوزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"، قالت فيه إنها أرسلت الجمعة الشهادة المطلوبة لإخطار الكونغرس بهذا البيع المحتمل لطائرات ومعدات وذخائر.

وهذه الصفقة، التي طلبتها عمان، تشمل 12 مقاتلة "F-16 C Block 70"، و4 من طراز "F-16 D Block 70"، وفق شبكة "س إن إن" الإخبارية الأمريكية.

كما تضم محركات مركبات ورادارات ومدافع وأنظمة تحكم إلكترونية وذخيرة شديدة الانفجار وأخرى للتدريب، فضلا عن معدات تشفير للاتصالات الآمنة، ومعدات الملاحة الدقيقة.

ووفق وكالة التعاون الأمني، فإن "عملية البيع المقترحة ستدعم السياسة الخارجية وأهداف الأمن القومي للولايات المتحدة عبر المساعدة في تحسين أمن حليف رئيسي من خارج الناتو (حلف شمال الأطلسي) يمثل قوة مهمة للاستقرار السياسي والتقدم الاقتصادي في الشرق الأوسط".

وتابعت أن "الصفقة المقترحة ستعمل على تحسين قدرة الأردن على مواجهة التهديدات الحالية والمستقبلية، من خلال ضمان استمرار التشغيل البيني مع الولايات المتحدة وقوات التحالف (الدولي لمحاربة تنظيم "داعش" الإرهابي)".

وأردفت أن "هذه الطائرات ستعمل على تحديث أسطول الطائرات المقاتلة الأردنية، ودعم المتطلبات التشغيلية المرتبطة بالأهداف الإقليمية للتحالف الأمريكي، مثل مكافحة المنظمات المتطرفة العنيفة، ومواجهة الجهات الخبيثة الحكومية وغير الحكومية، والدفاع الحدودي".

ردع متكامل
اعتبر المحلل والخبير والعسكري مأمون أبو نوار، في حديث للأناضول، أن السبب وراء هذه الصفقة الممولة أمريكيا هو "تحديث الأسطول الجوي لمقاتلات الأردن من هذا النوع".

وتابع أبو نوار، وهو لواء طيار مقاتل متقاعد، أن "الدول في العادة تحدث مقاتلاتها كل 20 عاما، وتُدخل إلى ترسانتها الجوية أنواعا جديدة وحديثة لتواجه متطلبات التهديد الحالي والمستقبلي".

ومن الأسباب الأخرى، بحسب أبو نوار، "مواجهة التحدي الإيراني ونفوذه بالمنطقة، ونظرة واشنطن إلى مفهوم الردع المتكامل لحلفائها".

وأردف أن "الولايات المتحدة تعتبر الأردن حليفا استراتيجيا بحكم موقعه الجيوسياسي، والعلاقات التاريخية معه منذ عقود، لذا فإن تزويده بمثل هذه الطائرات سيحقق له مفهوم الردع المتكامل، ومواجهة أي تهديد بالمنطقة".

وذكر أبو نوار أن "المملكة تملك العشرات من طائرات F16 A، ولكن الطائرات الجديدة هي نوعية مميزة ومتطورة جدا".

ولفت إلى أن "أي سلاح جو في العالم تحتاج استدامة عمله إلى تكاليف باهظة على ميزانية أي دولة، وأن يتم تزويد الأردن بمنحة هو في الاتجاه الصحيح".

وقال إن "الأردن ضمن تحالف دولي، تقوده الولايات المتحدة، لمحاربة تنظيم داعش والتطرف في المنطقة، خاصة ما يجري في العراق وسوريا، والتأثير الإيراني في هذه الدول، لذا فمن الضروري تزويد الأردن بهذه الطائرات خدمة لمصالحه".

رسالة غير مباشرة
ووفق أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الهاشمية (حكومية) جمال الشلبي، فإن "هذه المنحة (العسكرية) تأتي في إطار تأكيد العلاقات الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والأردن كحليف تاريخي وسياسي بالمنطقة".

واستشهد الشلبي، في حديث للأناضول، باستقبال الرئيس الأمريكي جو بايدن في واشنطن ملك الأردن عبد الله الثاني، في يوليو/ تموز 2021، كأول زعيم عربي، معتبرا أنه "دلالة واضحة على أهمية الأردن ودوره السياسي الذي تحتاجه وتكمله الولايات المتحدة".

ولفت أيضا إلى استبعاد الأردن من قانون "قيصر" الأمريكي الذي يفرض عقوبات على المتعاملين مع النظام السوري (جار المملكة).

واعتبر أن تلك المواقف "أشعرت الأردن بدعم سياسي ودبلوماسي أمريكي حقيقي، وقد ترجمت العلاقة المتجددة بإنشاء قاعدة عسكرية أمريكية بالمملكة".

ورأى أن إنشاء هذه القاعدة في المملكة "يعود إلى وجود ثقة حقيقية، وهو اعتراف بأهمية موقع المملكة الاستراتيجي، خاصة وأنه على تماس مع أزمات المنطقة ككل، سوريا والعراق وفلسطين".
واستبعد الشلبي أن يكون هدف الدعم الأمريكي المباشر، عبر صفقة الطائرات المقاتلة الحديثة، في إطار الاستعداد لهجوم على إيران.

وأرجع ذلك إلى سببين، هما أن "أمريكا لديها صواريخ عابرة للقارات وتستطيع ضرب إيران من أي مكان بالعالم، والثاني لو كانت بحاجة إلى القرب (من إيران) لاستخدمت دول الخليج لذلك".

وأردف: "الأهم أنني أستبعد نشوب أي حروب بين أمريكا وإسرائيل من جهة وإيران من جهة أخرى؛ لكثرة اللاعبين الدوليين الفاعلين، والذين تحول مواقفهم من حدوث ذلك".

واختتم بأن "المحصلة، الطائرات هي دعم طبيعي للأردن ليس له أي دلالات إلا الدعم المباشر، وقد تكون إشارة ورسالة غير مباشرة لإيران وحلفائها بأن كل الحلول مطروحة على الطاولة، بما فيها الحل العسكري".