في Wednesday 11 May, 2022

السنيورة يدعو إلى انتخاب من يريد «استعادة لبنان من خاطفيه»

كتب : زوايا عربية - وكالات

دعا رئيس الوزراء اللبناني الأسبق فؤاد السنيورة (2005 ـ 2009) الناخبين إلى المشاركة بكثافة في الانتخابات البرلمانية الأحد 15 مايو/ أيار الجاري، واختيار القوائم "السيادية" الحريصة على "استعادة الدولة من خاطفيها".

ووصف السنيورة، في مقابلة مع الأناضول، قانون الانتخابات الحالي بـ"السيئ لأنه حد من قدرة الناخب على اختيار ممثل له، إضافة إلى أنه أدى إلى احتقانات على الصعيد الطائفي والمذهبي".

وتُجرى الانتخابات وفق القانون النسبي الذي أقر عام 2017، في 15 دائرة انتخابية، ويقول خبراء إن تقسيم هذه الدوائر تم على أساس طائفي يراعي فقط التوزع الديمغرافي المذهبي للبنانيين.

واعتبر السنيورة، أحد أبرز السياسيين السُنة في لبنان، أن كل دعوة إلى المقاطعة غير صحيحة ومضرة للبنان واللبنانيين وللنظام الديمقراطي البرلماني.

وأكد ضرورة المشاركة في الاقتراع بكثافة "حتى لا يتمكن الطارئون، الذين يعتبرون لبنان ساحة مستباحة، من ممارسة ضغوطهم لكي يزوروا إرادة اللبنانيين".

وشهدت مناطق لبنانية عديدة تعليق لافتات مؤيدة لتيار "المستقبل" (أبرز مكون سُني في لبنان) وزعيمه سعد الحريري تدعو إلى مقاطعة الانتخابات.

وفي يناير/ كانون الثاني الماضي، أعلن الحريري، رئيس الحكومة الأسبق، تعليق عمله السياسي وعدم مشاركة تياره في الانتخابات.

واعتبر الحريري حينها أنه "لا مجال لأي فرصة إيجابية للبنان في ظل النفوذ الإيراني والتخبط الدولي والانقسام الوطني واستعار الطائفية واهتراء الدولة".

اقتراع المغتربين
الاثنين، أعلن مدير المغتربين في وزارة الخارجية اللبنانية هادي هاشم، أن نسبة تصويت المغتربين في الانتخابات التي جرت بالخارج يومي الجمعة والأحد، تلامس 60 بالمئة، وهي حصيلة غير نهائية.

ووصف السنيورة إقبال المغتربين بـ"الجيد، وهو أكبر بكثير من الانتخابات الماضية عام 2018، وهذا يؤشر على أن هناك وعيا لدى اللبنانيين بأهمية المشاركة وعدم السماح لأحد بتزوير إرادتهم".

وشدد على أنه "يجب عدم تمكين حزب الله والأحزاب الموالية له من حصد الأكثرية في البرلمان".
والفريق الذي يحصد الأكثرية في مجلس النواب (يترأسه مسلم شيعي) يلعب دورا حاسما في تشكيل حكومة يترأسها مسلم سُني، كما أن أعضاء المجلس هم من ينتخبون رئيس الجمهورية (مسيحي ماروني).

وتتهم قوى سياسية لبنانية وعواصم إقليمية وغربية إيران بالسيطرة على مؤسسات الدولة اللبنانية عبر حليفتها جماعة "حزب الله" ، وهو ما تنفي طهران والجماعة صحته.

ورأى السنيورة أن "انتخابات المغتربين في الخارج شكلت مؤشرا مهما للغاية حول تغيير المزاج نحو تقليص عدم المشاركة نتيجة الدعوات للمقاطعة التي أطلقها البعض، وخاصة لدى أبناء الطائفة السنية".

وأردف: "لدينا تجارب كثيرة عانى منها المسلمون في العراق ولبنان في السابق كلها تؤدي إلى ضرر كبير يلحق بلبنان واللبنانيين والمسلمين إذا كان هناك إنصات لدعوات المقاطعة".

وتتنافس في الانتخابات 103 قوائم انتخابية تضم 718 مرشحا موزعين على 15 دائرة انتخابية لاختيار 128 نائبا في البرلمان.

واعتبر السنيورة أنه من السابق لأوانه توقع من سيربح الانتخابات، داعيا إلى "اختيار اللوائح السيادية التي تحرص على استعادة الدولة اللبنانية من خاطفيها".

وقال إنه "جرى خلال السنوات السابقة تخريب متعمد للنظام الديمقراطي البرلماني، الذي يقوم على أربعة قوائم أساسية هي: حكم الأكثرية، والانتخابات، وقضاء مستقل، وإدارة حكومية مستقلة".
وأكد "ضرورة العودة لنظام الأكثرية وأقلية تكون غير مهمشة وتعمل على انتقاد الحكومة وبذلك يستقيم النظام البرلماني الديمقراطي".

وانتقد ما سماها "بدعة" الديمقراطية التوافقية التي استُخدمت في أغلب الحكومات السابقة التي حولت مجلس الوزراء إلى مكان للمناوشات السياسية لعرقلة عمله".

ودعا إلى "أن تكون الانتخابات اللبنانية مؤشرا للتقدم على مسار طويل من استعادة الدولة اللبنانية من خاطفيها والعودة إلى احترام الشرعيتين الدولية والعربية".

وأضاف أن "مصلحة لبنان بعودته إلى الحضن العربي، بما يؤمن مصلحة اللبنانيين".

موقف الحريري
ووفق السنيورة، فإن الحريري لم يطالب اللبنانيين ولا "تيار المستقبل" بمقاطعة الانتخابات، "بل قال أنا لا أريد أن أترشح للانتخابات ولا أحد من تيار المستقبل إلا إذا استقال (من التيار)، وهو لم يقل لا أريد أن أشارك في العملية الانتخابية".

وتابع: "هناك أحد أراد أن يُقوّل الحريري ما لم يقله لأغراض واجتهادات شخصية ليست لمصلحة لبنان واللبنانيين ولا لمصلحة علاقة بلدنا مع الدول العربية، ولن تكون لصالح خروج لبنان من أزمته الاقتصادية الحالية".

ومنذ أكثر من عامين، يعاني لبنان أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه، مع انهيار عملته الليرة مقابل الدولار الأمريكي، وشح الأدوية والوقود وسلع أساسية أخرى، إضافة إلى تراجع حاد في القدرة الشرائية.

وأردف السنيورة: "إذا انصعنا لهذه الدعوات (المقاطعة)، بالتالي (سيتم) ترك الساحة فارغة في بيروت ولبنان لكل من يحاول اقتناص هذه الفرصة لمصالح دول أجنبية".

وأكمل أن "حزب الله" عام 2009، عندما كانت قوى 14 آذار تملك الأكثرية (72 نائبا من أصل 128) "هدد مباشرة عبر المسؤول في الحزب غالب أبو زينب بأن تأليف حكومة من الأكثرية ستكون على الورق فقط إذا بقي هناك من ورق في لبنان".

واعتبر السنيورة أن "التسويات التي جرت في ذلك الوقت يجب أن تكون درسا لجميع اللبنانيين، ونستخلص منها العبر ونستمر في النضال من أجل استعادة الدولة وعلاقتها الدولية والعربية".

ودعا إلى انتخاب "كل الأطراف اللبنانية السيادية التي تؤمن بعودة لبنان للحضن العربي وعلاقاته مع الأصدقاء في العالم".

وأضاف: "نتوقع منهم (العرب والأصدقاء) الوقوف إلى جانب لبنان ومساعدته على القيام بالإصلاحات والوقوف بوجه من يحاول مصادرة إرادته ويريد استخدامه لخدمة مصالح إقليمية ودولية، وخاصة في مفاوضات إيران (بشأن برنامجها النووي) الجارية في فيينا".

ولفت السنيورة إلى "أهمية الاستحقاقات القادمة بعد الانتخابات، وخاصة تشكيل حكومة تكون انعكاسا للأكثرية التي ستفوز بالانتخابات والتي ستتحمل المسؤولية".

وحذر من تكرار تجربة حكومات ما تُسمى الديمقراطية التوافقية، حيث "دفعنا ثمنا باهظا خلال العقد الماضي (إذ) ضاع حوالي 60 بالمئة من الوقت في تأليف الحكومات".

وأردف: "إضافة إلى خلافات داخل الحكومات وعدم التوصل إلى قرار.. كل ذلك يجب أن تكون دروسا لاستخلاص العبر منها".

سيناريو العراق
وردا على سؤال بشأن اتهامات لإيران باتباع السيناريو العراقي في لبنان، قال السنيورة إن "تجربة لبنان كما هي تجربة العراق".

وأوضح: "عانينا كثيرا من عدم القدرة على تأليف الحكومات والتوصل إلى قواسم مشتركة واحترام الدستور والقوانين".

وتابع أن "هذا الأمر أوصل بلدنا لبنان والعراق إلى هذا التردي والانهيارات الوطنية والسياسية والاقتصادية والمالية والمعيشية بسبب هذا العناد المدمر من خلال الأفكار التي زرعها البعض عبر ما تُسمى ولاية الفقيه (يقصد إيران) العابرة للحدود السياسية".

وأكد أن "ذلك يخالف كل القرارات الدولية من احترام حدود الدول وسلطاتها وحقوقها".

وشدد على أن "هذا الأمر لا يجوز الاستمرار به، وهو يدفع بأجيال وأجيال إلى التدمير الذاتي".

تركيا والعرب
وبالنسبة للعلاقات العربية التركية، قال السنيورة إن "التقارب الأخير بين العرب وتركيا ينعكس إيجابا على المنطقة كلها لمصلحة الجانبين".

وأضاف أن العلاقات بين الجارة تركيا والدول العربية "يجب أن تكون مبنية على فهم حقيقي لمصالح هذه الدول، لا سيما أن هناك تداخلا في كثير من الأمور كالمياه والجيرة والتاريخ والمصالح المشتركة التي يمكن بناؤها مع تركيا".

وشدد على أهمية "تطوير العلاقات التركية العربية لما فيه مصلحة الجهتين بناء على احترام حقيقي لاستقلال وسيادة الجانبين وعدم التدخل في الشؤون الداخلية".

التدخل الإيراني
واعتبر السنيورة أن "إيران يجب أن تستخلص العبر والدروس من سياستها التي أدت إلى التدخل في الشؤون العربية الداخلية، والتي لم ينكرها الجانب الإيراني".

وأكثر من مرة، نفت طهران صحة اتهامات عربية وغربية لها بالتدخل في الشؤون الداخلية لدول عربية بينها لبنان والعراق واليمن وسوريا، وقالت إنها تلتزم بعلاقات حُسن الجور.

وتابع السنيورة: "إنهم (يقصد الإيرانيين) يعلنون دائما بسط نفوذهم على أربع عواصم عربية نتيجة فلسفة دينية حولوها إلى تفكير سياسي عبر ولاية الفقيه".

وشدد على أنه "ليس من مصلحة إيران التدخل السافر بشؤون الدول العربية"، وهذا التدخل "مرفوض من قبل العرب".

ودعا إيران إلى "العودة لأن تكون جارة مقبولة ومحتضنة من العرب على أساس الاحترام الكامل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والخروج من الأفكار الداعية إلى المزيد من التسلط".

ومستنكرا، تساءل: "ما الفائدة من مد يد إيران للتدخل إلى العراق ولبنان وسوريا واليمن؟ ماذا أنتجت هذه العملية غير مزيد من الإفقار وتضييع الفرص؟".

واعتبر أن إيران "تدمر أجيالا عبر غسيل الأدمغة" و"تخلق عداوات" ما كان يجب أن توجد.