في Friday 8 May, 2020

ننشر أبرز المقترحات لتعديل الدستور الجزائري "تقرير"

كتب : أحمد العربي


بعد تأخر بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) في البلاد، كشفت الجزائر، الخميس، عن مسودة التعديل الدستوري والتي تضمنت استحداث منصب نائب رئيس الجمهورية وإمكانية إرسال قوات من الجيش في مهمات عسكرية بالخارج، في سابقة هي الأولى من نوعها.

وأوضح بيان للرئاسة الجزائرية أن "المشروع التمهيدي لتعديل الدستور" مجرد مشروع قابل للتعديل أو الحذف والزيادة، حيث تم توزيعه على الشخصيات السياسية والأكاديمية والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والنقابات والمنظمات الطلابية.

وتضمنت مسودة تعديل دستور نظام بوتفليقة نحو 20 تعديلاً جذرياً، بعضها يتوقع المراقبون أن يثير كثيرا من الجدل، خصوصا فيما يتعلق بالسماح للجيش المشاركة في عمليات خارج البلاد للمرة الأولى منذ استقلال البلاد، بالإضافة إلى إنشاء محكمة دستورية وإعادة العمل بنظام رئيس الحكومة.
من أبرز التعديلات على اقترحها الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون وفق ما جاء في مسودة التعديل الدستوري، إلغاء العمل بالمجلس الدستوري وتعويضه بـ"محكمة دستورية".

واقترحت الوثيقة أن تشمل مهام المحكمة الدستورية "الرقابة على الأوامر الرئاسية والحكومية، والقوانين والتنظيمات والمعاهدات، والنظر في الخلافات التي قد تحدث بين السلطات الدستورية الثلاث بعد إخطارها".

وحددت التعديلات 12 عضوا للمحكمة الدستورية، مع اشتراط عدم الانتماء الحزبي لجميع الأعضاء المعنيين، وأن يعين رئيس الجهورية 4 أعضاء وعضوين من المجلس الشعبي (الغرفة السفلى للبرلمان) "من غير النواب" وآخرين من مجلس الأمة (الغرفة العليا للبرلمان) من غير أعضائه، و4 قضاة منتخبين.

ويلغي مشروع التعديل الدستوري "الثلث الرئاسي" من تشكيل مجلس الأمة، وهي المادة التي أضافها الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة في دستور 2008 ومنحت له صلاحية تعيين ثلث أعضاء مجلس الأمة (مجلس الشيوخ).

وأبقت التعديلات على فترة الولاية الرئاسية مدتين فقط، كما تفتح المجال أيضاً أمام "إمكانية" تعيين نائب لرئيس الجمهورية للمرة الأولى، بعدما كان رئيس مجلس الأمة هو الشخصية الثانية في هرم الدولة الجزائرية ويتولى قيادة البلاد مؤقتاً في حالات الاستقالة أو الوفاة أو العجز، وكذا الإبقاء على فترة العهدة البرلمانية بولايتين تشريعيتين غير قابلة للتجديد.

واقترحت وثيقة التعديل الدستوري التي أعدها 16 خبيراً دستورياً في لجنة إعداد وصياغة الدستور الجديد "إمكانية إرسال الجيش إلى الخارج بعد موافقة البرلمان".

وأشار التعديل المقترح إلى أنه "لرئيس الجمهورية الحق في إرسال وحدات من الجيش للخارج بعد موافقة البرلمان".

ويعد ذلك سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ الجزائر، حيث حرصت الجزائر على منع جيشها من المشاركة في قوات دولية مشتركة أو القيام بعمليات عسكرية خارج حدود البلاد، والذي كان يعد "عقيدة في الجيش الجزائري".

ولم يستبعد مراقبون أن يلقى هذا التعديل معارضة سياسية وشعبية واسعة، خاصة مع حديث المسؤولين الجزائريين في السنوات الأخيرة عن وجود تهديدات أمنية محيطة بحدود الجزائر وعملية "استنزاف لموارد الجيش" على الحدود الشرقية مع ليبيا وتونس والجنوبية مع مالي والنيجر، بالإضافة إلى الحدود مع المغرب.

فيما يرى متابعون أن هذه الخطوة تأتي في ظل حدود الجزائر "الملتهبة"، والتي تعيش على وقع توترات أمنية وسياسية، مع تزايد النشاط الإرهابي في ليبيا ومنطقة الساحل، والمحاولات الفاشلة للتنظيمات الإرهابية المتكررة اختراق حدود الجزائر الشرقية والجنوبية.

ومن بين التعديلات التي قد تثير جدلا أيضا، "حذف المادة التي تستوجب التمتع بالجنسية الجزائرية لتولي المناصب السامية في الدولة"، خاصة بعد الانتقادات الشعبية التي صاحبت تعيين الرئيس السابق في حكومته الثالثة "17 وزيرا من مزدوجي الجنسية".

ويرتبط "الوزراء والمسؤولون مزدوجو الجنسية" في ذاكرة الجزائريين بـ"قضايا الفساد"، خاصة بعد تفجر فضائح الفساد التي كان وزيرا الصناعة الأسبق عبد السلام بوشوارب (الجنسية الفرنسية) والطاقة شكيب خليل (الجنسية الأمريكية) من أكثر الأسماء التي وردت في أكبر قضايا الفساد.

بينما لم يستبعد مراقبون أن يكون الهدف من إلغاء هذه المادة فسح المجال أمام الكفاءات الجزائرية في الخارج في مختلف التخصصات لتولي مناصب كبيرة في الجزائر، بينها وزارات أو الترشح لمنصب رئيس البلاد.
كما يقترح الدستور إلغاء العمل بمنصب "الوزير الأول" والعودة إلى نظام "رئيس الحكومة" ببرنامجه الحكومي مع تعزيز مركز رئيس الحكومة بصلاحيات واسعة، مع إقرار تعديلات أخرى تُلزِم بموجبها الحكومة بإرفاق مشروعات واللوائح التنفيذية، وتقديم المستندات والوثائق الضرورية للبرلمان لممارسة مهامه الرقابية، و"إقرار إمكانية ترتيب مسؤولية الحكومة على إثر استجواب".

واقترحت وثيقة مشروع التعديل الدستوري تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية الجزائري التي استحوذ عليها دستور 2016 في عدة قطاعات.

وبالإضافة إلى إعادة صلاحيات "رئيس الحكومة" السابقة، اقترحت الوثيقة أيضاً إلغاء سلطة رئيس الجمهورية في إصدار الأوامر الرئاسية خلال فترة العطل البرلمانية.

وإسناد رئاسة المجلس الأعلى للقضاء الجزائري إلى الرئيس الأول للمحكمة العليا بعدما كان المنصب لرئيس الجمهورية، وكذا إبعاد وزير العدل عن تشكيلة المجلس الأعلى للقضاء

وفيما يتعلق بالنشاط البرلماني، تم اقتراح التمييز في الاستفادة من الحصانة البرلمانية بين الأعمال المرتبطة بممارسة العهدة وتلك الخارجة عنها، على خلفية قضايا الفساد التي فتحها القضاء مع نواب في البرلمان، حيث وجد صعوبة وعراقيل قانونية لرفع الحصانة عن بعض النواب.

ويشترط التعديل الدستوري للمرة الأولى "التصويت داخل البرلمان بحضور أغلبية الأعضاء"، بعد الانتقادات التي طالت نواب البرلمان على ما يعتبره الجزائريون "قاعات البرلمان الفارغة خلال جلسات البرلمان".

مع الحفاظ على حق التشريع بأوامر خلال مدة شغور المجلس الشعبي الوطني (الغرفة السفلى للبرلمان) وفي غضون مدة الحالة الاستثنائية مع ضرورة تقديمها للبرلمان في المدة المطلوبة.

وحدد مقترح التعديل الدستوري مدة حالة الطوارئ أو الحصار بـ30 يوماً، وهي المدة التي كانت مفتوحة في الدستور الحالي، ولا يمكن تجديد المدة إلا بموافقة البرلمان.

مع تحديد مدة الحالة الاستثنائية بـ 60 يوما، وإقرار حق المحكمة الدستورية الجزائرية في الرقابة على القرارات المتخذة أثناء الحالة الاستثنائية.

وفيما يتعلق بالهوية الوطنية، طالب أعضاء لجنة التعديل الدستوري بإدراج "اللغة الأمازيغية لغة وطنية ضمن المواد غير القابلة للتعديل" مثل دين الدولة ولغتها.

وفي 8 يناير/كانون الثاني الماضي، شكل الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون لجنة "إعداد وصياغة تعديل عميق للدستور" الجزائري يعرض على استفتاء شعبي، مكونة من 16 خبيراً قانونياً ويقودها الأكاديمي أحمد لعرابة.

وحددت لجنة تعديل الدستور سقفاً زمنياً لاستشارة مختلف الفواعل السياسية والاجتماعية والأكاديمية في البلاد على مسودة الدستور بـ"شهر واحد" قبل عرضها للمناقشة والمصادقة على غرفتي البرلمان، ثم على الاستفتاء الشعبي.

ويتضمن التعديل الدستوري الجديد في الجزائر 7 محاور جديدة، تتعلق بـ"تعزيز حقوق وحريات المواطنين"، و"أخلقة الحياة السياسية ومكافحة الفساد بكل أشكاله وأنواعه"، و"تعزيز السلطات وتوازنها".

وكذا "تعزيز سلطة الرقابة البرلمانية"، و"تعزيز استقلالية السلطة القضائية"، وتعزيز المساواة بين المواطنين أمام القانون"، و"التكريس الدستوري لآليات تنظيم الانتخابات".

ويضم الدستور الحالي للجزائر "218 مادة دستورية" بعد التعديل الدستوري الذي أقره الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، في فبراير/شباط 2016، وهو الرقم الذي عده الخبراء القانونيون بـ"غير المنطقي والمكرس لهيمنة رئيس البلاد على جميع الصلاحيات".