في Tuesday 11 July, 2023

رغم المساعي الفرنسية.. جمود بأزمة الفراغ الرئاسي بلبنان

كتب : زوايا عربية - وكالات

تسيطر على لبنان حالة جمود سياسي إثر عدم التوصل إلى اتفاق على رئيس جديد للبلاد بعد أكثر من ثمانية أشهر على فراغ المنصب وسط تمسك الفرقاء السياسيين بمواقفهم.

القوى السياسية في لبنان تترقب الزيارة الثانية للموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى لبنان الأسبوع المقبل بعد الزيارة الأولى التي كانت استطلاعية لسماع آراء المسؤولين.

عدة متابعين للوضع السياسي في لبنان أجمعوا على أن الزيارات المتكررة للموفد الفرنسي "لم تحمل جديد ولم تحقق خرق بجدار الأزمة بسبب تمسك القوى السياسية بمواقفها".

وقد استبق رئيس حزب الكتائب اللبنانية (مسيحي) سامي الجميّل كاشفا أنه أبلغ الموفد الرئاسي الفرنسي بأن حزبه لن يقدم اسم أي مرشح جديد لرئاسة الجمهورية، وأن "على حزب الله سحب مرشحه والتوقف عن منطق الفرض الذي يتبعه".

وفي 21 يونيو الماضي التقى لودريان مع قيادات رسمية وحزبية لبنانية، وأجرى محادثات تتعلق بكيفية الاتفاق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية بأقرب وقت ممكن.

ومطلع يونيو، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزير الخارجية السابق لودريان موفدا خاصا إلى لبنان، في محاولة جديدة لإنهاء الأزمة السياسية في البلد العربي، حسبما أعلنت الرئاسة الفرنسية.

وجاءت زيارة لوديان بعد فشل البرلمان اللبناني في 12 جلسة منذ سبتمبر/ أيلول 2022، كان آخرها بتاريخ 14 يونيو في انتخاب رئيس جديد للبلاد خلفا لميشال عون الذي انتهت ولايته في 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2022.

وانحصرت المنافسة الرئيسية بين جهاد أزعور، مرشح المعارضة والقوى المسيحية الرئيسية والحزب التقدمي الاشتراكي وآخرين، وسليمان فرنجية، مرشح الثنائي الشيعي "حزب الله" و"حركة أمل" وحلفائهما.

وفي آخر جلسة للبرلمان، حصل أزعور على 59 صوتا، مقابل 51 نالها فرنجية، وتوزعت بقية الأصوات على مرشحين آخرين.

مرحلة جمود
المحلل السياسي الصحفي منير الربيع، قال للأناضول، إن "الأزمة الرئاسية دخلت في دوامة ومتاهة وجمود نظرا لتباعد المواقف بين القوى السياسية وتمسك كل فريق برأيه".

واستبعد الربيع أن يحقق المبعوث الفرنسي "أي خرق في جدار الأزمة الرئاسية، مما جعله يقترح إجراء حوار داخلي بين القوى السياسية اللبنانية".

وكشف الربيع أن لودريان "اقترح على كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي فكرة الدعوة لحوار وطني فرفضا".

من جهته اعتبر المحلل السياسي الصحفي جورج عاقوري، أن زيارة الموفد الفرنسي الأولى "لم تحمل أي جديد بكل كانت استطلاعية مما يعني أن الطرح الفرنسي السابق بدعم سليمان فرنجية للرئاسة طُوي إلى غير رجعة".

ولفت إلى أنه "حتى الساعة لا خرق في جدار (أزمة) الانتخابات الرئاسية، ولن تكون هناك بوادر لذلك في القريب العاجل".

وأوضح عاقوري أن "كل ما قام به الموفد خلال جولته الأولى هو وضع تصور أولي لبدء العمل عليه من أجل الضغط لمساعدة لبنان للخروج من أزمته".

أما المحلل الصحفي وائل نجم، فرأى أنه "بعد فشل مجلس النواب خلال 12 جلسة بانتخاب رئيس جديد، فإن الأزمة دخلت مرحلة من الجمود لأن القوى السياسية ما زالت متمسكة بمواقفها".

وأفاد أن بعض القوى "تدعو إلى الحوار للاتفاق على رئيس جديد، ولكن لا تريد من حوارها هذا البحث عن حل بل إقناع الطرف الآخر بوجهة نظرها، وهذا ما يؤخر انتخاب الرئيس".

وأشار نجم إلى أن "هناك حالة من المراوحة وشد وجذب ما زالت قائمة بين القوى السياسية اللبنانية التي تنتظر توافقا أو تفاهما إقليميا ودوليا ليتم إنجار الانتخابات التي من الصعب إنجازها طالما الصراع الإقليمي والدولي ما زال قائما في المنطقة".

زيارة لوريان الثانية كسابقتها
الصحفي الربيع، قال إن "الطريق الداخلي مسدود لانتخاب الرئيس نظرا لتصلب الثنائي الشيعي على ترشيح فرنجية من جهة في المقابل رفض ترشيح فرنجية من قبل القوى المسيحية الكبرى".

لكنه عاد وأشار إلى أنه "لا بد من انتظار التقييم النهائي للمبعوث الفرنسي لودريان الذي سيناقشه مع المسؤولين السعوديين عن الملف اللبناني في المرحلة المقبلة".

وأضاف: "بعد ذلك يمكن أن يجري لودريان زيارة إلى الدول الأربعة الأخرى المعنية بالملف اللبناني (مصر وقطر والسعودية والولايات المتحدة) لتكوين وجهة نظر مشتركة وفي حال تم الوصول إلى تقاطعات مشتركة يمكن عقد اجتماع للدول الخمس للانتقال إلى مرحلة ثانية من المساعي لإنتاج التسوية".

أما عاقوري فإنه لم يعول على نتائج من الزيارة الثانية للموفد الفرنسي "وستكون كسابقتها، لأنه من الواضح حتى الآن أنه لا حلول في الأفق طالما حزب الله متمسك بترشيح فرنجية".

الحوار مستبعد في الوقت الحالي
وكان لودريان أعلن لدى مغادرته بيروت في يونيو أنه "سيعمل على تسهيل حوار جامع بين اللبنانيين بغية التوصل إلى حل توافقي للخروج من الفراغ المؤسساتي والقيام بالإصلاحات الضرورية".

وفي هذا الإطار أشار عاقوري إلى أن "ما يقال عن دعوة لودريان إلى طاولة حوار لن تلق تأييدا داخليا لأن هناك فرقاء كثر وخاصة المعارضة وعلى رأسهم القوات اللبنانية التي تعتبر أنه لا حوار على تطبيق الدستور بانتخاب رئيس للجمهورية وفق الأصول الديمقراطية".

ورأى عاقوري أنه "يجب أن يتوقف رئيس البرلمان نبيه بري أولا عن ممارسة مهامه كرئيس لحركة أمل (حزبه) عبر مزاجه في فتح أو إغلاق مجلس النواب والدعوة إلى جلسات انتخاب رئيس".

ولفت إلى أنه "بعد أن يتم احترام الدستور فإنه لكل حادث حديث وحينها يكون هناك إمكانية ربما لاستجابة لأي دعوة للحوار".

من جهته قال نجم إن الزيارة الثانية للموفد الفرنسي "قد تحمل أسماء أخرى توافقية غير فرنجية، إلا أنه لن يفلح، وسبق أن طرح فكرة الحوار الوطني الشامل".

وأشار إلى أن الزيارة ستكون بمثابة "جس نبض حول إمكانية عقد حوار شامل يتخطى الاستحقاق الرئاسي إلى البحث في تعديلات أو تطوير بشكل النظام".

ولفت نجم إلى أن الفرنسيين "يجارون بعض الأطراف اللبنانية والإقليمية لتأمين مصالح ومكاسب اقتصادية في لبنان والمنطقة لذلك هم مستعدون للبيع والشراء".

ورأى أن "القوى المسيحية الكبرى في لبنان التي كانت دائما تستند إلى العمق الفرنسي ترفض اليوم المبادرة الفرنسية وهي تعلق سلبا عليها وعلى حركة الموفد الفرنسي وتعتبرها تنطلق من تحقيق مصالح خاصة على حساب المكونات اللبنانية الأخرى".

أمام احتمالين
"الربيع" رأى أن لبنان "أمام احتمالين إما الذهاب إلى تسوية ربما تقود إلى الاتفاق على قائد الجيش وتكون تسوية مرحلية مشابهة لتسويات السابقة والتي قد تتطلب الكثير من الوقت".

وتابع: "الاحتمال الثاني هو الدخول في فراغ طويل بانتظار ظروف عقد حوار لبناني برعاية إقليمية يقود إلى إنتاج التسوية، وإما البحث عن تعديلات دستورية وتغيرات في الصيغة لا سيما في ظل مطالبة حزب الله على ضمانات سياسية ودستورية في حال أراد التخلي عن مرشحه".