في Tuesday 12 September, 2023

حفل عرس ينقذ قرويين من الموت في زلزال المغرب

آثار الزلزال
كتب : زوايا عربية - متابعات

كان حفل عرس سببًا في إنقاذ جميع سكان قرية مغربية من الزلزال المدمر الذي وقع يوم الجمعة الماضي، ودمر منازلهم المبنية من الحجر والطوب "اللبن"، في الوقت الذي كانوا يستمتعون فيه بالموسيقى الشعبية الأمازيغية في فناء خارجي.

وكان من المقرر إقامة حفل زفاف حبيبة أجدير (22 عامًا) ومزارع التفاح محمد بوضاض (30 عامًا) في قريته كطو، يوم السبت الماضي، وأقامت عائلة العروس حفل العرس التقليدي قبلها بيوم، وفقًا للعادات والتقاليد.

وأظهر مقطع فيديو صوره أحد المدعوين لحظة وقوع الزلزال، الذي بلغت قوته 6.8 درجة، حين تحول مشهد الموسيقيين، الذين يرتدون أزياء محلية ويعزفون على المزامير والطبول المصنوعة من جلد الماعز، فجأة إلى فوضى وظلام وصراخ.

وقال العريس بوضاض، اليوم الثلاثاء، وهو يقف بجوار زوجته، وما زالا يرتديان ملابس زفافهما بعد مرور حوالي أربعة أيام على الزلزال الذي دفن متعلقاتهما تحت الأنقاض، إن الزلزال أصابه بالخوف على زوجته وهو ينتظرها في قريته.
وأردف قائلًا: "أردنا أن نحتفل، ثم وقع الزلزال. . لم أكن أعرف ما إذا كان علي أن أقلق على قريتها أم على قريتي".

وكان بوضاض يمسك بيد زوجته وهو يتحدث، وعندما سُئل عن طريقة لقائهما، ابتسم بخجل، واكتفى بالقول إن "القدر جمعهما".
وأضاف أن الزلزال أصاب أجدير بصدمة شديدة لدرجة أنها لم تعد ترغب في التحدث إلى الغرباء.

وقال سكان إن قرية أجدير الفقيرة، إيغيل نتلغومت، تحولت إلى أنقاض، وأصبح الكثير من سكانها بلا مأوى الآن، لكن على عكس أجزاء أخرى من منطقة أداسيل، القريبة من مركز الزلزال، لم تقع وفيات أو إصابات خطيرة.


وكان الزلزال هو الأكثر دموية في المغرب منذ عام 1960 بعدما أسفر عن مقتل أكثر من 2900 شخص، معظمهم في تجمعات سكانية نائية في سلسلة جبال الأطلس الكبير جنوب مراكش.
ظهر الناس في مقطع الفيديو وهم يصرخون "زلزال" ، أو ينادون على أفراد أسرهم، وقد استبدلوا إضاءة الكهرباء بأنوار الهواتف المحمولة.

وأصيب بالزلزال شخص واحد فقط في إيغيل نتلغومت، هو أحمد آيت علي أوبلا (8 أعوام)، عندما سقطت صخرة على رأسه وأصابته بجرح قطعي، وشوهد في الفيديو ووالده يحمله لإبعاده عن الخطر.

وكان الحفل مجرد حفل عرس يسبق ليلة الزفاف قبل مغادرة العروس إلى منزل العريس بوضاض، الذي كان ينتظرها في كطو.

ورغم الكارثة، سافرت أجدير إلى كطو، يوم السبت، مع شقيق بوضاض وزوجته، اللذين كانا في الحفل، تاركة وراءها هدايا زواجهما، ووصلوا جميعًا بعد الظهر.

وكانت الطرق سيئة للغاية لدرجة أنهم اضطروا إلى السير على الأقدام طوال الطريق، وعندما وصلوا إلى هناك وجدوا أضرارًا واسعة النطاق، لكن لم تقع وفيات.

وكما كان في إيغيل نتلغومت، أنقذت مناسبة اجتماعية العديد من الأرواح حين كان قرويون يؤدون واجب العزاء في منزل ظل قائمًا.

وكان بوضاض قد اشترى 150 دجاجة و30 كيلوغرامًا من الفاكهة للاحتفال بالزفاف بعد ظهر ذلك اليوم، لكن معظمها فسد الآن.

وقال: "عندما وصلت لم يكن هناك مكان للنوم.. نبحث عن مجرد خيمة".

جاء كثير من الناس من القرى المحيطة بإيغيل نتلغومت للاستمتاع باحتفال عائلة أجدير، وتقاسم وجبة من لحم البقر المطهو، لينجوا بذلك من مصير مجهول ربما كان ينتظرهم تحت الأنقاض لولا خروجهم للمشاركة في الاحتفال.

وكان والد العروس محمد أجدير (54 عامًا) قد نصب خيمة كبيرة في باحة منزله لضيوف الحفل، غير أن هذه الخيمة تُستخدم الآن كمأوى للقرويين، رغم أنهم يقولون إنهم سيحتاجون قريبًا إلى ملاجئ أكثر قوة مع التوقعات بأن يكون الطقس أكثر برودة في وقت لاحق من الأسبوع الجاري.

وبينما كان يتجول في القرية، أشار أجدير إلى علامات الفوضى التي حدثت ليلة الجمعة، بما في ذلك الأحذية الأنيقة المدفونة تحت الركام.

وكان المصير المروع الذي نجا منه سكان إيغيل نتلغومت واضحًا للعيان على بعد بضعة كيلومترات أسفل الطريق الجبلي المتعرج المؤدي إلى مراكش، حيث دمرت قرية تيكخت بالكامل تقريبًا، ولم يبقَ أي منزل قائمًا، ولقي حوالي 68 شخصًا حتفهم من بين سكان القرية البالغ عددهم 400 نسمة.

ورغم نجاة سكان إيغيل نتلغومت، لا يزالون بحاجة ماسة إلى المساعدة، ويمكن رؤية بعضهم وهم يسيرون تحت سفح الجبل لطلب المساعدة من السلطات.

وبات جميع الناجين في كطو يتقاسمون إمداداتهم الضئيلة، وقال محمد أجدير: "القرية عائلة كبيرة.. نتقاسم كل ما نحصل عليه".