في Monday 26 February, 2024

مؤشر خطير على أن الوضع الأمني لا يزال هشّا.. شبح الاغتيالات يطل مجددًا في العراق

كتب : زوايا عربية - متابعات

بعد استقرار نسبي عكّرت صفوه المناوشات بين فصائل مسلحة والقوات الأمريكية، عاد شبح الاغتيالات مؤخراً ليلقي بظلاله على الشارع العراقي، في مشهد أعاد التذكير بهشاشة الأمن في البلاد، وبعث رسائل مقلقة ومرعبة، بحسب بعض المراقبين.

وبينما أشار محللون إلى تورط فصائل مسلحة تحظى بتمثيل سياسي في تنفيذ تلك الاغتيالات والتصفيات بسبب العداء المتنامي بينها، اتّهم مقرّبون من تلك الفصائل الولايات المتحدة بالوقوف وراءها لإيقاف المطالبات بخروج قوّاتها من البلاد.

في حين رأى الخبير الأمني عماد علو وهو لواء متقاعد، أن تنامي ظاهرة الاغتيالات "مؤشّر خطير على أن الوضع الأمني في البلاد لا يزال هشّا؛ فقد عادت مشاهد الاغتيالات بين المدنيين والسياسيين إلى الساحة من جديد وباتت الحاجة مُلحّة الآن إلى بذل المزيد من الجهود لحصر السلاح بيد الدولة".

كما أرجع التدهور الأمني الأخير إلى أن "الأحزاب والقوى السياسية غالبا ما تستخدم السلاح في خصوماتها من أجل الظفر بالمكاسب السياسية"، وفق ما نقلت وكالة أنباء العالم العربي (AWP)، وأشار إلى وجود نوع آخر من الاغتيالات "يكون بين عصابات تهريب المخدرات والسلاح، والتي تفاقمت أيضا في الآونة الأخيرة، الأمر الذي يوجب على الحكومة أن تبذل المزيد من الجهود لمكافحته".

إلى ذلك، أكد أن "السلاح المنفلت يشكّل خطرا دائما على السلم الأهلي"، معتبرا أنه إذا لم يتم وضع حلول جذرية، فستستمر سلسلة والتصفيّات السياسية والعشائرية. وحذر من أن "استمرار هذا المشهد بين جهات سياسية ومدنية يبعث رسائل إلى الخارج بأن العراق غير آمن وغير صالح للاستثمار".

من جهته، قسم المحلل السياسي نزار حيدر عمليات الاغتيال إلى نوعين "الأول هو الاغتيال السياسي، والثاني الجنائي والجريمة المنظمة، إذ إن لكل نوع منهما دوافع وعواقب، والأخطر بينهما هو الاغتيال السياسي الذي تمارسه عادة القوى السياسية لفرض أجنداتها، خاصة تلك التي تمتلك ميليشيات وسلاحا خارج سلطة الدولة". وقال إن "هذا النوع من الاغتيالات من شأنه أن يعيد البلاد إلى المربع الأول، بغض النظر عن دوافعه، سواء كانت حزبية أو طائفية أو عنصرية...".

كما رأى أنه "إذا تم الكشف عن الجناة بسرعة، فهي جريمة جنائية؛ أما إذا ماطلت الحكومة في اعتقال الجناة وتأخرت وسوّفت ولم يتحرك القضاء، فتأكد بأنها جريمة اغتيال سياسي". واستدرك حيدر قائلا إن "عمليات الاغتيال السياسي تتعرض للمساومة وتصفية الحسابات تحت الطاولة...".

وأنحى المحلل السياسي العراقي باللائمة على الحكومة في هذه الاغتيالات "كونها لم تُبدِ استعدادا كاملا لملاحقة الجناة على الفور والإعلان عن هويّاتهم وهوية من يقف خلفهم وتقديمهم للقضاء".

أما بشأن استهداف الناشط الصدري أيسر الخفاجي، فاعتبر أن "هذه العملية كانت فتنة أراد منفذوها إشعال نار الحرب في محافظة بابل، إلا أن تغريدة مقتدى الصدر (زعيم التيّار الصدري) وضعت حداً لأي إثارة سلبية".

وجاء اغتيال الناشط الصدري في يوم تسلم محافظ بابل الجديد عدنان الفيحان منصبه، لاسيما أن الأخير تابع لحركة "عصائب أهل الحق"، أشد مناوئي التيار الصدري، وأن الطرفين لهما تاريخ من المناوشات والاحتكاكات.

لكن الصدر أكد أنه يتابع بشكل شخصي ومباشر ملف اغتيال الخفاجي، وحذّر أنصاره مما سمّاها "الفتنة".

إلى ذلك، قال مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل إن حوادث الاغتيال في محافظات العراق "لم تخلُ من الطابع العشائري والجنائي، ووصلت في بعضها إلى السياسية التي منها اغتيال قريب رئيس تحالف نبني هادي العامري في محافظة ديالى، بالإضافة إلى اغتيال أحد نشطاء التيار الصدري في محافظة بابل". وأضاف أن "عمليّات الاغتيال الأخيرة تحمل صبغة التصفية السياسية كما حصل في الفترة الماضية بمحافظة البصرة بين جهات مسلحة كعصائب أهل الحق وجهة سياسية أخرى...".

وبشأن اغتيال الناشط الصدري، اعتبر فيصل أنه "جريمة واضحة المعالم ذات طابع سياسي، خصوصا أن هنالك صراعا مستمرا بين التيار الصدري وعصائب أهل الحق".

أما المحلل السياسي المقرّب من الفصائل المسلحة علي فضل الله فرأى أن "هناك جهات تتعمد إثارة ملف الاغتيالات في هذا التوقيت الذي تُطالب فيه القوى السياسية بإخراج قوات التحالف الدولي من العراق لإيصال رسائل إلى المواطنين بأن القوات الأمنية غير قادرة على السيطرة على الوضع".

كما رأى أن "اغتيال بعض الشخصيات السياسية ومدنيين أيضا في أوقات متفاوتة عملية واضحة لخلط الأوراق وبانتظار اللجان الأمنية التي تم تشكيلها لمعرفة الحقائق والجناة".

وكان المستشار الأسبق لرئاسة الجمهورية ورئيس مؤسسة (المدى للإعلام والثقافة والفنون) فخري كريم قد نجا يوم الخميس الماضي من محاولة اغتيال أيضا، بعد الخفاجي، حين قطعت سيارة (بيك أب) طريق السيارة التي كان يستقلها وانطلقت منها 11 رصاصة وسط العاصمة بغداد.

كما اغتيل مطالع فبراير طبيب أطفال وسط بغداد؛ كذلك أصيب آمر قوة الرد السريع الأسبق في محافظة واسط، وقتل شقيقه في هجوم مسلح الأسبوع الماضي بمدينة الكوت.