في Saturday 31 October, 2020

ينشرون الجهل والتطرف بترسيخ منظومة تعليمية طائفية..

بمنطق الجهاد.. الحوثيون يحولون الأطفال في اليمن وقوداً لحربهم العبثية

الحوثيون يعدون جيلا من المتطرفين أنشأه على القتل والإجرام
كتب : زوايا عربية - متابعات

ترسم ممارسات الحوثيين في اليمن مستقبلا أكثر قتامة لجيل من الناشئة يُفترض أن يُشكل جزء من النسيج المجتمعي والسياسي والفكري مستقبلا وذلك بمنظومة تعليمية على مقاس طائفي وبفكر متطرف في المدارس التي تديرها الميليشيا الموالية لإيران، وهي مدارس أقرب للثكنات العسكرية والحوزات العلمية بمحاميلها الايديولوجية ومضامينها الفكرية التدميرية، حيث تجري عمليات غسيل دماغ لأطفال قسم منهم يُقاد كرها لجبهات القتال بمنطق "الجهاد" في حرب عبثية يشكلون وقودها حاضرا وقنابل موقوتة مستقبلا.

وتُدرك جماعة أنصار الله (الحوثيون) أن استمرار سيطرتها بقوة السلاح على جزء واسع من اليمن لن يستمر للأبد وأن الشراكة السياسية مع مكونات لا تلتقي معها فكرا وانتماء، أمر حتمي عاجلا أم آجلا، لذلك تعكف على تكوين جيل سلبت منه طفولته وحقه في حياة سليمة ومتوازنة ووضعته على سكة التطرف والجهل.

وعلى جبهة أخرى تُظهر ممارسات الحوثيين على الأرض حجم عدائهم للتعليم وإلى أي مدى يمكن أن يمضوا في تدمير المنظومة التعليمية الهشة أصلا في بلد استحوذت فيه الميليشيا على مدارسه وخربت بنيتها التحتية واستهدفت كوادرها التعليمية بالقتل والتعذيب والترهيب وحرمت قسما كبيرا من أبناء اليمن من التعليم.

وتُحيل هذه الصورة بما هي عليه من قتامة إلى وضع مشابه وان اختلفت البيئة والظروف إلا أنها تلتقي في نفس الهدف وهي تلك التي رسمها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) لمن سمّاهم 'أشبال الخلافة' في أوج قوة التنظيم المتطرف وسطوته، حيث كان يُعدّ جيلا من المتطرفين نشأ على القتل والإجرام.

والحوثيون كما داعش، حرص كل منهما على ترسيخ الجهل وغرس بذور التطرف في عقول أطفال ذنبهم أنهم كانوا أبناء بيئة لم تكن من اختيارهم ولا بإرادتهم.

وفي مشهد متطابق ظهر أبناء داعش في العراق وفي سوريا والأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين وقد أثقلت الأسلحة أجسادهم الضعيفة.

ولا يعير الحوثيون منذ سيطرتهم على العاصمة صنعاء وأجزاء واسعة من اليمن بقوة السلاح، أهمية أصلا للتعليم الذي لم يكن في كل الحالات في أحسن أحواله في بلد يمزقه الفقر والنزاعات والفساد منذ عهد الرئيس الراحل علي عبدالله صالح.

وينفق الحوثيون ما استولوا عليه من مقدرات الدولة وما نهبوه من المواطنين وما يتلقونه من أموال من إيران على دعم وتعزيز آلة الحرب لديهم في الصراع الدائر منذ العام 2014 والتي تصاعد مع تدخل التحالف العربي بقيادة السعودية في مارس/اذار 2015 دعما للشرعية وبطلب منها.

والأمر لا يتوقف عند هذا الحد فحتى المجهود الذي تبذله الأسرة التعليمية والتربوية في اليمن وقسم كبير منها يولي أهمية لتكوين جيل متعلم، باتت مستهدفة من قبل المتمردين وعرضة للتهديد والترهيب.

وأبدى الحوثيون عداء للأسرة التعليمية في اليمن حيث ينظرون لها بعين الريبة ويعتبرون أن أعضاءها معارضين لأفكارهم.

وتظهر إحصائيات نشرتها نقابة المعلمين اليمنيين في وقت سابق أن الحوثيين قاموا منذ سيطرتهم على المناطق اليمنية بقتل 98 معلّما خارج نطاق القانون سبعة منهم قتلوا تحت التعذيب، وأنّ قرابة 2500 إطار تعليمي تعرّضوا لاعتداء جسدي من قبل الميليشيا، فيما صدرت عشرة أحكام بالإعدام على خلفيات سياسية لمدراء مدارس ومدرّسين وطلاب.

كما ورد في نفس الإحصائيات أنّ الحوثيين نفّذوا أكثر من 1200 عملية اختطاف شملت مدراء مدارس ومعلمين وطلبة، وقرابة 150 حالة إخفاء قسري لمعلمين وطلاب وأنّهم قاموا بتعذيب مدّرسين وطلبة من مختلف المستويات والاختصاصات بتهم كيدية تحوم عامّة حول عدم ولائهم للجماعة أو اعتراضهم على أفكارها وسياساتها.

أمّا ما تمّ تدميره من مدارس ومرافق تعليمية، إما بشكل مباشر من قبل الحوثيين وإما بسبب الحرب التي أشعلوها وبسبب احتمائهم بالمنشآت التعليمية، فتجاوز 1700 مدرسة ومؤسسة، بينما قام المتمردون بإغلاق أكثر من 3500 منشأة تعليمية وتحويل البعض منها إلى ثكنات عسكرية ومخازن للسلاح.

وما يظهرونه (الحوثيون) من اهتمام بالتعليم إنما هو موجه أساسا لخدمة مشروعهم شديد الارتباط بالمشروع الإيراني في المنطقة ولترويج أفكارهم وأيديولوجيتهم لدى أوسع شريحة ممكنة من المجتمع.

وسبق لوزير الإعلام اليمني معمر الأرياني أن اتهم جماعة الحوثي بـ"محاولة تجهيل المجتمع واستلاب إرادته" عبر تدريس مناهج تعليمية محرفة في المدارس بمناطق سيطرتها، تخدم "الأجندة الإيرانية التخريبية".

وقال "الحوثيون استقبلوا العام الدراسي الجديد بمناهج محرفة للصفوف الدراسية الأولى بهدف غسل عقول الأطفال وتزوير التاريخ وتوزيع استمارات فرز سياسي ومذهبي للكادر التعليمي"، مضيفا "الحوثيون اتجهوا إلى خصخصة التعليم الحكومي عبر فرض رسوم باهظة توازي رسوم المدارس الخاصة، دون مراعاة للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ما يحوّل التعليم إلى بوابة للفساد".

واتهم المتمردين باستغلال التعليم في الاستثمار وتمويل مجهودهم الحربي وأن ما يفعلونه هو "عمليات تجريف منظم للقطاع التعليمي، تستهدف دفع الطلاب خارج مقاعد الدراسة، وإفراغ العملية التعليمية من مضمونها"، مشيرا إلى أن تسخير التعليم لصالح الأجندة الإيرانية وتجهيل المجتمع سيكون له اثر مدمر على الأجيال القادمة.

ويقول الإعلامي والناشط الحقوقي اليمني همدان العليي، إنّ ميليشيات الحوثي تختطف التعليم وتستغله لتحقيق أهداف سياسية وعسكرية وطائفية من خلال جملة من الأنشطة والإجراءات والممارسات التي أدت في نهاية المطاف إلى انهيار العملية التعليمية في المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي.

ويطالب العليي الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا بالقيام بواجبها والعمل على حماية طلاب اليمن والعاملين في المجال التربوي والتعليمي، بالإضافة إلى ضرورة تسليم مرتبات المعلمين في كافة الأراضي اليمنية.

ودعا إلى أن تكون عملية تسليم أي معونات مخصصة للتعليم والمعلمين عبر الحكومة الشرعية وليس عبر الجماعات المسلحة التي تستغل تلك المساعدات لنشر أفكارها المتطرفة.

يظهر الحوثيون استخفافا واستهانة كبيرين بمصير الأجيال الصاعدة وتخلو تعاليمهم من قيم احترام الطفل والحفاظ على حقوقه. ولم يتردّد وزير الشباب والرياضة حسن زيد في حكومة صنعاء الموازية والذي تم اغتياله يوم الثلاثاء الماضي (27 أكتوبر/تشرين الأول)، في الدعوة إلى تعليق الدراسة لمدة عام وإرسال الطلاب والأساتذة إلى جبهات القتال من أجل "حسم المعركة" التي تخوضها ضدّ القوات الحكومية المدعومة من التحالف العسكري الذي تقوده السعودية.

وكتب على صفحته في موقع فيسبوك قبل اغتياله "ماذا لو توقفت الدراسة لعام وتوجّه الشباب كلهم ومعهم أساتذتهم للتجنيد.. ألن نتمكن من رفد الجبهات بمئات الآلاف ونحسم المعركة".

وأثارت دعوته حينها جدلا حيث ردت جهات يمنية حقوقية وإعلامية بعنف على تلك التصريحات، معتبرة أن دعوته جادة فالحوثيون يواجهون صعوبات في تعويض خسائرهم البشرية الكبيرة على جبهات القتال.

وكان زيد تقدمّ بمقترحه الغريب ردّا على إضراب شنّه المدرّسون المطالبون بحدّ أدنى من حقوقهم، بما في ذلك مرتّباتهم المتوقّفة. وقال ردّا على تعليقات ناقدة ومستهزئة من اقتراحه "ها أنتم تغلقون المدارس بمبرّر الإضراب وعندما نفكر في كيفية الاستفادة من الظروف القاهرة تتنابحون".

وعكس هذا السجال الأزمة الأخلاقية التي وقع فيها الحوثيون بسبب اعتداءاتهم على المدارس واقتحامهم للجامعات لملاحقة قيادات طلابية يتهمونها بالتحرّك ضدّهم. وتقول ندوى الدوسري الخبيرة والباحثة في شؤون القبائل اليمنية، إنّ الوضع في مناطق سيطرة المتمردين "يزداد تشددا".

وبحسب الباحث اليمني عادل الأحمدي، فإنّ جماعة الحوثي "حركة قائمة على منظومة من المفاهيم والعقائد الدينية. انتقلت من مربع المظلوم إلى موقع المسيطر على مقاليد الحكم".

وتعرض قرابة 2500 إطار تعليمي لاعتداء جسدي من قبل الميليشيا، فيما صدرت عشرة أحكام بالإعدام على خلفيات سياسية لمدراء مدارس ومدرّسين وطلاب.

وأبدت الجماعة تشددا وصرامة في فرض رؤيتها العقائدية والسياسية على السكان في المناطق التي احتلتها تماما كما فعل تنظيم الدولة الإسلامية في المناطق التي سيطر عليها في سوريا والعراق وليبيا.

ويفرض الحوثيون عقيدتهم الدينية والسياسية تحت حراب السلاح، مستخدمين أساليب وحشية من إعدامات وتجويع وكان لافتا خلال نحو ست سنوات من سيطرتهم على صنعاء ارتفاع كبيرا في أحكام الإعدام والعقوبات السجنية المشددة بتهم على ارتباط مباشر بالعقائد ومن ضمنها تلك التي صدرت بحق أفراد ورموز من الطائفة البهائية.

وكانت تقارير حقوقية دولية قد خاضت في تلك الممارسات منبهة المجتمع الدولي إلى محاكمات سريعة وجائرة لا تتوافر فيها أدنى معايير العدالة والشفافية استهدفت بالأساس المعارضين والمشكوك في ولائهم للحوثيين وحذّرت من أوضاع مزرية في سجون ومعتقلات الحوثي، حيث تنعدم أدنى الحقوق وتُنتهك الحرمة الجسدية والنفسية للسجناء.

نقلا عن " ميدل إيست أونلاين"