في Wednesday 16 December, 2020

المبعوث الأممي الجديد و«أزمة ليبيا».. 3 مسارات ترفع سقف التحديات

نيكولاي ميلادينوف
كتب : زوايا عربية - متابعات

سياسي واقتصادي وعسكري.. مسارات تختزل الأزمة الليبية في انفراجاتها وانتكاساتها، تطرح نفسها على طاولة نيكولاي ملادينوف، البلغاري الذي عينه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريس، مبعوثا خاصا له في ليبيا.

تعيين يرفع سقف التحديات أمام المنظمة الدولية ممثلة في ملادينوف، على أمل تحقيق اختراق في الأزمة، عبر المضي قدما بمسارات حلها نحو النهاية المرجوة في بلد يكابد ويلات الحرب منذ نحو عقد من الزمن.

والثلاثاء، أعطى مجلس الأمن الدولي الضوء الأخضر لـ"جوتيريس" لتعيين ملادينوف مبعوثًا جديدًا في ليبيا، لينهي بذلك حوالي عشرة أشهر من شغور المنصب، إثر استقالة اللبناني غسان سلامة أوائل مارس/آذار من العام الجاري، في خطوة عزاها الأخير إلى دواع صحية.

ملتقى الحوار الليبي
يشكل الملتقى المسار السياسي لحل الأزمة الليبية، الجانب الذي يواجه حتى الآن عراقيل ناجمة عن خلافات حول آلية اختيار القيادة السياسية في البلاد.

والثلاثاء، فشلت البعثة الأممية إلى ليبيا في تحقيق توافق بين أعضاء لجنة الحوار السياسي الليبي حول مقترح لاختيار الآلية التي سيتم اعتمادها لاختيار القيادة السياسية القادمة التي ستدير المرحلة الانتقالية.

تعثر يرفع سقف التحديات أمام المبعوث الأممي الجديد، والذي يجد نفسه أمام مهمة إيجاد طريق لاستكمال العملية السياسية في ليبيا، تمهيدًا لإجراء الانتخابات المقررة في ديسمبر/كانون الأول 2021.

المسار الاقتصادي
احتضنت جنيف، الإثنين والثلاثاء الماضيين، اجتماعا لمجموعة العمل الاقتصادي بشأن ليبيا، ضم لجنة الخبراء الاقتصاديين بالبلاد، وممثلين عن فرعي مصرف ليبيا المركزي، ووزارة المالية والمؤسسة الوطنية للنفط وديوان المحاسبة ووزارة التخطيط بالإضافة إلى خبراء اقتصاديين ليبيين مستقلين.

كما حضر الاجتماع ممثلون عن البنك برعاية الأمم المتحدة، وبمشاركة مجموعة العمل الاقتصادية المنبثقة عن مؤتمر برلين الخاص بليبيا، وهم؛ الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي ومصر، لمناقشة سبل حل الأزمة الاقتصادية في ليبيا ووضع إصلاحات اقتصادية حاسمة.

وتوصلت الاجتماعات إلى عدة قرارات هامة في مقدمتها إجراءات توحيد المصرف المركزي الليبي.

وفي بيان صدر عقب انتهاء الاجتماعات، قالت البعثة الأممية في ليبيا إن المشاركين توصلوا إلى استئناف مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي اجتماعاته المنتظمة اعتباراً من اليوم الأربعاء.

وأضاف البيان أنه تم وضع توصيات لتوحيد سعر الصرف بهدف ضمان استقرار أكبر للعملة الليبية ومكافحة الفساد.

كما حدد المجتمعون خطوات لتوحيد الميزانية الوطنية، والعمل على استعادة عائدات النفط من خلال وضع حلول تعالج التحديات الأساسية التي استلزمت التجميد.

واتفقوا على اجتماع يعقد في يناير/ كانون ثان المقبل، لاستعراض التقدم المحرز في هذه القضايا، والنظر في اتخاذ المزيد من الخطوات الفنية اللازمة لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد الليبي، والاستجابة لاحتياجات الليبيين.

مخرجات يرى خبراء أنها تضع على عاتق المبعوث الأممي الجديد مهمة ثقيلة تكمن في المحافظة على النسق الإيجابي للمسار.

المسار العسكري
اتفقت اللجنة العسكرية الليبية المشتركة على بنود تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، وتشكيل لجنة عسكرية فرعية للإشراف على عودة كافة قوات الطرفين إلى مقراتها وسحب القوات الأجنبية من خطوط التماس، وعلى اختيار مدينة سرت مقرا للجنة (5+5)، وسرت وهون مقرا للجنة العسكرية الفرعية للترتيبات الأمنية.

وبحسب مراقبين، فإنه على المبعوث الأممي الجديد استكمال ذلك المسار ودعم توافق العسكريين، كونه الطريق الأكثر أهمية نحو إيجاد حل في ليبيا، ولقطع الطريق أمام التدخلات الأجنبية وحشد مرتزقة تركيا.

وقرر مجلس الأمن الدولي في سبتمبر/ أيلول الماضي، فصل مهمة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وتعيين ممثل خاص لتنفيذ العملية السياسية والمفاوضات الدولية، ومنسق منفصل للقيام بالأنشطة اليومية للبعثة.

ومن المتوقع تعيين شخصية من أفريقيا لمنصب منسق في الفترة المقبلة.

ملادينوف.. سيرة
بتعيين ملادينوف، يعود الملف الليبي مرة أخرى إلى أوروبا التي يعتبرها الليبيون أكثر جدية في التعاطي مع الملف الليبي، نظرًا لمصالحها في الدولة الواقعة شمال أفريقيا.

ولد ملادينوف في الخامس من مايو/أيار عام 1972 في مدينة صوفيا، وفي عام 1995 تخرج من جامعة الاقتصاد الوطني والعالمي في صوفيا في بلغاريا، وتخصص في العلاقات الدولية.

وفي العام التالي، حصل على درجة الماجستير في دراسات الحرب من جامعة كينجز كولدج في لندن.

ويشغل منصب منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط منذ 5 فبراير/ شباط 2015، كما تقلد مهام مدير بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) بين 2013-2015، ووزير خارجية بلغاريا بين 2010-2013.

ملادينوف؛ وهو صديق مقرب لرئيس الوزراء البلغاري بويكو بوريسوف وعضو في حزبه اليميني، تولى أيضا منصب وزير الدفاع في بلغاريا من يوليو/ تموز 2009 إلى يناير/ كانون الثاني 2010.

كما شغل عضوية البرلمان البلغاري بين عامي 2001 و2005، وعضوية البرلمان الأوروبي بين عامي 2007 و2009.

وكان ضمن الوفد الأوروبي إلى كل من العراق وأفغانستان وإسرائيل، والى جانب ذلك شغل العديد من المناصب في قطاعات أخرى منها البنك الدولي والمعهد الأوروبي، بحسب الأمم المتحدة.

6 مبعوثين سابقين
منذ 2011، توافد على ليبيا 6 مبعوثين أمميين، في محاولة من مجلس الأمن الدولي لإيجاد حلول وإخراج البلاد من حالة الانقسام إلى تسوية عادلة تسهم في إعادة الاستقرار.

أولهم وزير الخارجية الأردني الأسبق، عبد الإله الخطيب، الذي عينه الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون، في السادس من أبريل/نيسان 2011، مبعوثاً لدى ليبيا، لإجراء مشاورات عاجلة، عقب أحداث فبراير 2011.

وبعدها بأشهر، وتحديدًا في 20 سبتمبر/أيلول من العام نفسه، عُين الدبلوماسي البريطاني إيان مارتن رئيساً للبعثة الأممية لدى ليبيا، وظل مارتن بمنصبه حتى أكتوبر/تشرين الأول 2012.

وفي أغسطس/ أب 2012، أوكلت الأمم المتحدة إلى الدكتور طارق متري، السياسي والأكاديمي ووزير الإعلام اللبناني الأسبق، مهمة رئاسة البعثة الأممية لدى، وهو المنصب الذي تقلده لمدة عامين أجرى خلالها مباحثات مكثفة مع جميع الأطراف في البلاد، ودعا إلى الحوار بينهم.

ولاحقا، انتقلت مهمة البعثة الأممية في ليبيا من لبنان إلى إسبانيا، حيث تسلم الدبلوماسي الإسباني برناردينو ليون، في أغسطس/آب 2014، مهمته الأممية، وساهم في جمع غالبية الأطراف السياسية في البلاد لتوقيع الاتفاق السياسي في منتجع الصخيرات بالمغرب، في نوفمبر/تشرين الثاني 2015.

وفي الفترة من 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2015 إلى 21 من يونيو/حزيران 2017، عين الدبلوماسي الألماني مارتن كوبلر بالمنصب، في مهمة استهدفت تطبيق اتفاق الصخيرات، لكنه أخفق في ذلك رغم تجاربه السابقة في العراق وأفغانستان والكونغو الديمقراطية.

وفي يونيو/حزيران 2017، عاد الملف الليبي إلى لبنان بتعيين الدبلوماسي غسان سلامة مبعوثا أمميا خاصا، ونجح الأخير في إحداث تقدم بملفات المصالحة والحوار بين كثير من الأطراف والقبائل الليبية المتناحرة.

كما نجح في إجراء تعديلات على اتفاق الصخيرات، إلا أنه استقال في مارس/آذار 2020، لدواع صحية، تاركًا المنصب شاغرًا لمدة 10 أشهر.