في Tuesday 24 September, 2019

بهرامي: ترمب سيخسر سياسياً إن لم يهاجم إيران

في مجلة "أميركان ثينكر" كتب حميد بهرامي عن قلق الرئيس الأميركي دونالد ترمب من أن وقوع مواجهة عسكرية بين الولايات المتحدة وإيران ستتيح لخصومه المحليين الفرصة لإلحاق الضرر بحملته الرئاسية.

ففي الوقت الذي يشعر فيه الرئيس ترمب بعدم اليقين بشأن منجزاته في السياسة الخارجية، فإن الانتخابات الأميركية في عام 2020 تقترب بسرعة.

ولسوء حظ ترمب، يُدرك الملالي مخاوفه ويستدرجونه للسقوط في الفخ. وفي الوقت نفسه، بعث رحيل جون بولتون رسالة إلى إيران مفادها أن ترمب ليس جاهزًا ولا قادرًا على الرد على عدوانية طهران.

وكان ترمب قد سقط نوعا ما في فخ طهران عندما أصدر أمر توجيه ضربة جوية على إيران، ثم أرجأ العملية في وقت لاحق، مُقدرًا الآثار المترتبة المحتملة على حملته لإعادة انتخابه.

ولكن النظام في إيران يواصل استراتيجيته، حيث قال رئيس الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي مؤخرًا، إن كل من يريد أن تتحول أرضه إلى ساحة المعركة الرئيسية فليفعل.

ويشكك الكثيرون في واشنطن، بمن فيهم الجمهوريون والديمقراطيون، في استقالة العقل المدبر للإدارة الأميركية، مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون. فيما عيّن ترمب متشددًا آخر، هو روبرت أوبراين، الذي لم تكن مشورته فعالة بعد. ولم يخفِ المدافعون عن إيران فرحتهم، حيث يُعرف بولتون بأنه المهندس الرئيسي لحملة الضغط القصوى لإدارة ترمب على طهران.

وقد هددت إيران المصالح القومية الأميركية، لكن السؤال الرئيسي يكمن في كيف أصبح الرد العسكري على هذه السلوكيات المحفوفة بالمخاطر يشكل خطراً كبيراً على حملة إعادة انتخاب الرئيس ترمب.

قام المدافعون عن إيران وضد مواجهتها في الولايات المتحدة بحملة تضليل شعارها "نهاية الحروب التي لا تنتهي من قبل الولايات المتحدة".

ويُعد معهد كوينسي، وهو مركز أبحاث جديد يموله اثنان من كبار الممولين، جورج سوروس وعائلة كوخ، محور هذه الحملة الدعائية. وتجدر الإشارة إلى أن مؤسسي معهد كوينسي على غرار تريتا بارسي، المعروف بممارسة الضغط لصالح طهران، لم يذكروا أو ينتقدوا طموحات الأسلحة النووية للثيوقراطية الإيرانية وهجماتها ضد دول المنطقة.

وفي آخر الاستفزازات الإيرانية، قام وكلاء طهران في العراق (يقال بأنهم الحرس الثوري الإيراني) بتنفيذ سلسلة من الهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة على مصانع النفط في المملكة العربية السعودية، وهو ما عطل ما لا يقل عن خمسة بالمئة من سوق النفط العالمي. وتزعم الثيوقراطية ووكلاؤها أن الهجمات نُفذت من اليمن، لكن الوزير بومبيو يصر على خلاف ذلك.

طهران متورطة

وذكرت شبكة "سي بي إس" أن المسؤولين الأميركيين قالوا إن الهجوم على المنشآت النفطية السعودية وافق عليه المرشد الأعلى الإيراني آية الله خامنئي، ولكن شريطة أن يتم تنفيذه بطريقة يمكن من خلالها نفي تورط إيران. ومع ذلك، فإن طهران متورطة بالفعل في عدوان مماثل في الخليج من خلال إسقاط طائرة أميركية مسيرة وزعزعة الممرات المائية الدولية عن طريق الاستيلاء على ناقلات النفط الأجنبية ومهاجمتها.

ولا يزال النظام في إيران يواصل استراتيجية تهدف إلى تعطيل سوق النفط من أجل الضغط على الاقتصادات الغربية، على أمل أن يقنع مؤيدو سياسة التهدئة الرئيس ترمب بالتخلي عن حملته ذات الضغط الأقصى.

وفي يوم الاثنين 16 سبتمبر، ارتفعت أسعار النفط بنسبة 10 بالمئة على الأقل. فهذا يعني أن النظام في طهران أنجز نصف خطته. وكاستجابةٍ لذلك، تعهد ترمب بفرض مزيد من العقوبات على طهران في الوقت الذي فرضت فيه وزارة الخزانة الأميركية عقوبة على البنك المركزي الإيراني.

ومع ذلك، فإن هذه العقوبة لا ترقى إلى خفض الصادرات النفطية للدولة الثيوقراطية.

أزمة في سوق النفط

وبعد مرور أربع سنوات من الحرب في اليمن، ينبغي على التحالف أن يدرك طبيعة المواجهة، حيث يحتاجون إلى الإعراب عن استعدادهم للرد بشكل مناسب على عدوان طهران من خلال استهداف قوات النظام الإيراني أينما كانت إذا لزم الأمر. فمثل هذه السياسة تمثل أهمية في الوقت الحالي بالنسبة للسعوديين.

الجدير بالذكر أن بعض السياسيين الأميركيين، مثل السيناتور ليندسي غراهام، اقترح هذا الأمر بالفعل، مطالبًا بالهجمات التي تستهدف مصافي النفط الإيرانية.

مما يتعين على الرئيس ترمب في المقام الأول أن يستوعب حقيقة أن البقاء في براثن الوضع الحالي سيمثل ضررًا بمستقبله السياسي أكبر من إرضاء الجانب الأميركي الداعي "لعدم شن الحرب".

إن أي أزمة في سوق النفط يمكن بلا شك أن تُلحق الضرر بالسجل الاقتصادي الممتاز للإدارة الأميركية داخل الولايات المتحدة.

ولدى وكالات الاستخبارات الأميركية والسعودية القدرة على استهداف إيران وقوات الحرس الثوري الإيراني المسؤولة عن الهجوم. في هذا الوقت الحرج، يتعين على التكتل الأميركي - العربي أن يقرر ما إذا كان لديه الشجاعة السياسية لحماية مصالحهم الوطنية. وفي الواقع، فإن ترمب يعد عالقًا بين أمرين أحلاهما مرّ، وسوف يخبرنا المستقبل ما إذا كان بإمكان إدارته تدبّر الأمر.

إن الحل العملي للأزمة الإيرانية يكمن في مواجهة الثيوقراطية في شوارع طهران، الأمر الذي يعد أقل تكلفة بالنسبة للولايات المتحدة، إلى جانب كونه بديلًا للحرب.