في Thursday 30 September, 2021

السلطة الانتقالية بالسودان.. حوار فنجاح أم تجاذب فانهيار؟

كتب : زوايا عربية - وكالات

بوتيرة مفاجئة ومتسارعة، تصاعدت توترات حادة بين المكونين العسكري والمدني في سلطة المرحلة الانتقالية بالسودان، إثر إعلان وزير الدفاع، في 21 سبتمبر/ أيلول الجاري، إحباط محاولة انقلاب.

وجاءت ردود الأفعال على محاولة انقلاب غير متوقعة، حيث كال مسؤولون عسكريون في مجلس السيادة الانتقالي انتقادات واتهامات للمكون المدني وائتلاف قوى إعلان الحرية والتغيير.

ففي اليوم التالي لمحاولة الانقلاب، اتهم رئيس مجلس السيادة، الفريق عبد الفتاح البرهان، السياسيين بأنهم لا يهتمون بمشاكل المواطنين، فيما قال نائبه محمد حمدان دقلو (حميدتي) إن "أسباب الانقلابات العسكرية هم السياسيون الذين أهملوا خدمات المواطن وانشغلوا بالكراسي وتقسيم السلطة".

وخلال 64 عاما، شهد السودان ثلاث انقلابات وثماني محاولات انقلاب فاشلة.

ورد مسؤولون مدنيون وقيادات حزبية بأن اتهامات البرهان وحميدتي "تمهد لانقلاب" قبل تسليم قيادة مجلس السيادة من المكون العسكري إلى لمدني، في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

واتسع شرخ الخلاف بين المكونين، مع تزايد حدة الخطابات بينهما، ودخل الصراع مرحلة جديدة، الأحد، بسحب قوات الحراسة من على أفراد المكون المدني في السلطة، وفي مقدمتهم عضو مجلس السيادة، محمد الفكي سليمان، وكذلك سحب قوات الحماية المشتركة (عسكرية وشرطية) من مقر "لجنة التمكين" (حكومية) و22 موقعا استردتها من أنصار النظام السابق (عمر البشير).

وأواخر 2018، قادت قوى إعلان الحرية والتغيير احتجاجات شعبية منددة بتردي الأوضاع الاقتصادية، ما دفع قيادة الجيش، في 11 أبريل/نيسان من العام التالي، إلى عزل عمر البشير من الرئاسة (1989-2019).

الانتقال الديمقراطي
وأثار الخلاف بين المكونين العسكري والمدني في السلطة الانتقالية القلق إزاء مستقبل الشراكة بين الطرفين، اللذين تحكمهما وثيقة دستورية موقعة في 17 أغسطس/ آب 2019 بين المجلس العسكري (منحل)، كممثل للجيش، وقوى إعلان الحرية والتغيير، قائدة الحراك الاحتجاجي.

وتدير البلاد، خلال الفترة الانتقالية، حكومة مدنية ومجلس سيادة (بمثابة رئاسة) من 14 عضوا، هم: 5 عسكريين، و5 مدنيين اختارتهم قوى إعلان الحرية والتغيير، و3 من الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق سلام مع الحكومة في 3 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بالإضافة إلى عضو مدني توافق عليه العسكريون والمدنيون.

ومنذ 21 أغسطس/ آب 2019، يعيش السودان فترة انتقالية تستمر 53 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، يتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية والحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام.

ومع حراك داخل السودان وخارجه واتصالات ولقاءات وزيارات مسؤولين أجانب للخرطوم، أعلن مسؤولون عسكريون ومدنيون في السلطة عن الحرص على التعاون من أجل مصلحة البلاد.

وقال البرهان، الأربعاء، إن المكون العسكري حريص على دعم وحماية الانتقال الديمقراطي، والعمل سويا مع رئيس الوزراء والقوى السياسية لإنجاح الانتقال والتحول الديمقراطي، عبر انتخابات حرة ونزيهة تنتج عنها حكومة مدنية ديمقراطية، وفق بيان لمجلس السيادة.

وفي اليوم نفسه، أكد رئيس مجلس الوزراء، عبد الله حمدوك، على "أهمية أن يعمل جميع شركاء الفترة الانتقالية كيدٍ واحدة لإنجاح الانتقال المدني الديمقراطي بسلام"، وفق بيان لمجلس الوزراء.

انتخابات بلا إصلاحيات

ووفق أمير بابكر، محلل سياسي، في حديث للأناضول، فإن "الشراكة بين المدنيين والعسكريين، ورغم التشاكس الحالي، ستمضي إلى نهايتها على الأقل في الإطار الزمني المحدد".

واستدرك: "لكن وصول الشراكة إلى نهايتها وإجراء انتخابات ليست هي القضية، فالقضية هي هل سنصل إلى الانتخابات وقد شهدت الدولة إصلاحات اقتصادية وسياسية وتشريعية تستوعب التحول الديمقراطي".

وتابع: "بعض المكونات السياسية القريبة من العسكريين تريد أن تنتهي الفترة الانتقالية دون تحقيق إصلاح في مؤسسات الدولة العسكرية والعدلية، حتى إذا جاءت الانتخابات يظل الوضع كما هو عليه".

خطر يهدد الشراكة
واعتبر أمين مجذوب، خبير استراتيجي ولواء متقاعد، أن التصريحات "العنيفة" بين الجانبين العسكري والمدني "خطيرة" وتهدد مستقبل الشراكة بينهما.

وأضاف مجذوب للأناضول: "من الواضح أن هناك خللا كبيرا في هذه الشراكة التي تعاني الآن وتحتاج إلى تجفيف بؤر التوتر".

وأردف: "رغم وجود العسكر والمدنيين معا في مؤسسات السلطة الانتقالية إلا أنهما يفتقدان التنسيق والتعاون، وهذا ما يجعل الشراكة في خطر وقد تنهار الفترة الانتقالية وتدخل البلاد في أزمة جديدة".

واعتبر أن "الحل يكمن في التوصل إلى صيغة جديدة تحكم التنسيق والتعاون بين المكونين إلى حين انتهاء الفترة الانتقالية".