في Monday 27 December, 2021

انتخابات لبنان.. «الأزمة» رسّمت حدود المعركة وتحالفاتها

البرلمان اللبناني - الأرشيف
كتب : زوايا عربية - وكالات

بعد 4 أشهر يحل موعد الانتخابات النيابية اللبنانية. وبخلاف المرات السابقة، فإن الاستحقاق الانتخابي هذه المرة يأتي وسط ظروف استثنائية، تتمثل بأسوأ أزمة اقتصادية تعصف بالبلاد، وظهور قوى معارضة جديدة على الساحة السياسية.

هذا الواقع قد يعيد خلط أوراق التحالفات الانتخابية وينعكس على نتائجها، في ظل نقمة شعبية كبيرة على الأحزاب المتمثلة في السلطة، إذ تحمّل قوى المعارضة الطبقة السياسية مسؤولية التدهور المستمر.

وبخلاف الانتخابات الماضية، فإن الاحتجاجات التي أطلق عليها انتفاضة 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2019، أفرزت قوى معارضة جديدة تعتزم خوض الانتخابات المقبلة، بينما تحاول أحزاب السلطة الحفاظ مقاعدها في البرلمان.

وتفجرت الاحتجاجات حينها في العاصمة بيروت رفضاً لفرض مزيد من الضرائب، سرعان ما توسعت لتعم معظم أنحاء البلاد، رسخ خلالها المتظاهرون شعارات تطالب إلى اليوم بإصلاحات اقتصادية واجتماعية، وتتهم الطبقة السياسية بالفساد وتطالب برحيلها ومحاسبتها.

وفق خبراء، فإن قوى المعارضة قد تشكل خرقاً غير مسبوق في نتائج الانتخابات، الأمر الذي يدفع بعض أحزاب السلطة للعودة إلى تحالفاتها التقليدية في سبيل استمرار سيطرتها على مقاعد البرلمان.
ومع أن المشهد ما زال ضبابيا لناحية شكل التحالفات النهائية، فإنه من المؤكد أن نتائج الانتخابات المقبلة ستحمل تغييراً عن انتخابات 2018، وفق الخبير في مجال الإحصاءات ربيع الهبر.

وفي حديث إلى "الأناضول"، يرجّح الهبر، وهو مدير مؤسسة "إحصاءات لبنان" (خاص)، أن تحصد المعارضة المتمثلة بقوى "17 تشرين" ومعها حزبي "الكتائب" و"الشيوعي" ما بين 5 و20 مقعداً نيابياً من أصل 128.

صعود قوى المعارضة، إلى جانب شخصيات سياسية مستقلة لا تنتمي إلى أحزاب تقليدية، سيكون على حساب بعض الأحزاب الممثلة في السلطة حالياً، لا سيما حزب "التيار الوطني الحر" الذي يترأسه النائب جبران باسيل، بحسب الهبر.

ولا يضم البرلمان الحالي أي ممثل عن قوى المعارضة باستثناء النائب أسامة سعد من تنظيم "الشعبي الناصري"، بعد استقالة 8 نواب بينهم 3 من حزب "الكتائب" وآخرين مستقلين، في أغسطس/ آب 2020 على خلفية انفجار مرفأ بيروت.

وزاد انفجار المرفأ من حالة الغضب والاحتجاجات السائدة في البلاد، عقب مصرع 219 شخصا وإصابة نحو 7 آلاف آخرين في الانفجار الذي خلف أضرارا بمساحات واسعة من العاصمة بيروت.
لكن الهبر يلفت إلى أن الانتخابات المقبلة قد تعيد إحياء الانقسام السياسي التقليدي في البلاد الذي كان سائداً منذ عام 2005 بين قوى "8 آذار" (القريبة من دمشق وطهران) وقوى "14 آذار" (القريبة من الرياض وواشنطن).

أبرز تلك التحالفات قد تكون بين أحزاب "تيار المستقبل" و"التقدمي الاشتراكي" و"القوات اللبنانية"، الذين كانوا يشكلون سابقاً فريق "14 آذار"، باستثناء حزب "الكتائب" الذي انضم إلى قوى المعارضة.

وبعكس الانتخابات الماضية عام 2018، يرجح الهبر أن يتحالف "تيار المستقبل" مع "الجماعة الإسلامية" في الانتخابات النيابية المقبلة في بعض المناطق.

في المقلب الآخر، أي "8 آذار"، سيكون هناك تحالف بين "حزب الله" و"حركة أمل" و"التيار الوطني الحر" و"حزب السوري القومي الاجتماعي"، وفق الهبر.

وعن تأثير أصوات المغتربين في نتائج الانتخابات، يقلل الهبر من أهميتها في إحداث فارق كبير، مرجحاً أن يقترع بين 60 و70 ألفاً من أصل نحو 245 ألفاً سجلوا أسماءهم مسبقاً للمشاركة في انتخابات البرلمان.

ويوضح أن انخفاض نسبة الاقتراع من جانب المغتربين يرجع إلى أن التصويت لن يكون افتراضياً عبر موقع إلكتروني، كما كان الحال في مرحلة التسجيل، إنما ينبغي على الراغبين في التصويت التوجه إلى السفارات والقنصليات.

من جانبه، يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيروت العربية (خاصة) علي مراد أن طبيعة التحالفات في الانتخابات المقبلة ستكون وفقاً للمصلحة الانتخابية وليس تبعاً للمعايير السياسية، كالتحالف بين "التيار الوطني الحر" و"حزب الله".

أما بالنسبة إلى تيار "المردة" (يتزعمه سليمان فرنجية) الذي هو من ضمن تحالف واسع لقوى "8 آذار"، فلن يكون متحالفاً مع "التيار الوطني الحر"، وفق مراد، في حديثه إلى "الأناضول".
من ناحية أخرى، فإن العلاقة بين أحزاب "التقدمي الاشتراكي" و"تيار المستقبل" و"القوات اللبنانية" ما زالت غير محسومة، ومن غير الواضح ما إذا كانت تلك الأحزاب ستتحالف مع بعضها أم لا، بحسب مراد.

أما قوى "17 تشرين"، فإنها تواجه تحديات عدة، أبرزها تقديم مشروع واضح وبديل، إضافة إلى مدى قدرتها على توحيد لوائح مرشحيها في وجه لوائح أحزاب السلطة، كما أن التوقعات بانخفاض نسبة التصويت لا تصب لمصالحها، وفق مراد.

وفي عام 2018، بلغت نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعيّة 49.70 بالمئة، ويتوقع خبراء أن تنخفض النسبة في انتخابات 2022 نظراً إلى الصعوبات الاقتصادية والمعيشية، لا سيما ارتفاع كلفة النقل.

ويلفت مراد إلى أن التحدي الأساسي هو إقناع جمهور "17 تشرين"، غير المنتمي إلى الأحزاب، بالمشاركة في التصويت نظراً إلى النقمة التي يختزنها معظم المواطنين على الواقع الاقتصادي والمعيشي، ما ينعكس تصويتاً لمصلحة المعارضة.

وعن احتمال تحالف قوى "17 تشرين" مع بعض الأحزاب التقليدية (حزب "الكتائب" والحزب الشيوعي)، يشير مراد إلى أن ذلك قد يكون له انعكاس سلبي على نسبة التصويت لمصلحتها، وهذا تحدٍ آخر تواجهه المعارضة.

ويرى أن أحزاب السلطة تريد من هذا الاستحقاق الانتخابي استعادة شرعيتها الداخلية والخارجية. في المقابل، فإن قوى المعارضة تسعى إلى محاسبة تلك الأحزاب على أدائها في الحكم ووصول البلاد إلى حال الانهيار.

ومنذ أكثر من سنتين، يعاني لبنان أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه، صنفها البنك الدولي واحدة من بين أسوأ 3 أزمات اقتصادية في العالم، أدت إلى انهيار مالي، وارتفاع في معدلات الفقر والبطالة والجرائم.