في Saturday 1 February, 2020

من الآن.. بريطانيا خارج الاتحاد الأوروبي نهائيا .. وماكرون: صدمة وإنذار تاريخي

ألف وثلاثمائة وسبعة عشر يوماً انقضت منذ صوّت البريطانيون لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي في يونيو/حزيران 2016، وها هو المسلسل الأطول في التاريخ السياسي للبلاد يتجه رسمياً نحو نهايته، محمّلاً بسيناريوهات مختلفة لمرحلة ما بعد الطلاق.

اشهرتالمملكة المتحدة نهائيا انفصالها عن تكتل القارة العجوز في نهاية مرحلة أولى كانت صعبة ومضنية، لتفعيل اتفاق الخروج أو ما يعرف بالبريكست.

وتغادر بريطانيا الاتحاد الأوروبي نهائياً في سابقة تعتبر الأولى منذ تأسيسه، لكن المؤكد هو أن ما بعد الوداع الأخير يحمل في طياته مراحل أخرى مقبلة قد لا تقل تعقيداً عما سبقها.

ويؤكد خبراء أن التداعيات الفعلية والملموسة للبريكست لن تبدأ بالظهور إلا بحلول 2021.

وبدءاً من اليوم، تدخل المملكة المتحدة في فترة انتقالية سيبقى الوضع خلالها خاضعاً لقواعد والتزامات الاتحاد الأوروبي، وذلك حتى نهاية العام، أي الوقت اللازم للتفاوض على شروط علاقته في المستقبل مع البلدان الـ27 المتبقية بالتكتل.

وسيتعين على لندن وبروكسلأن يتمكناخلال هذه الفترة من تسوية النزاعات التجارية وطبيعة التعاون في مسائل الأمن والاستخبارات، ومعايير الطيران المدني، والوصول إلى المياه الدولية لصيد الأسماك، والمشاركة في برنامج تبادل الطلاب "إيراسموس"، وإمدادات الكهرباء والغاز وغيره.

ولمدة 11 شهراً على الأقل، ستواصل بريطانيا التي تعتبر ثاني أكبر مساهم في ميزانية الاتحاد الأوروبي بعد ألمانيا، في سداد مستحقاتها للتكتل الأوروبي، وكذلك تلقي حصتها، فيما يحتفظ المواطنون البريطانيون والأوروبيون بحرية الحركة الكاملة، في انتظار تفاصيل الحقوق المتبادلة التي يجرى التفاوض بشأنها.

من جانب الاتحاد الأوروبي، فإن التكتل سيشهد انطلاقاً من الأول من فبراير، بعض المتغيرات، فمع رحيل المملكة المتحدة، سيخسر لأول مرة منذ تأسيسه عضواً يعد من أكبر وأغنى أعضائه (تشكل 15% من قوته الاقتصادية).

وبرحيل بريطانيا، يخسر الاتحاد 66 مليون نسمة، ليتقلص عدد سكانه إلى نحو 446 مليون ساكن، كما سيخسر 5.5 في المائة من مساحته.

وفي مقر البرلمان الأوروبي بالعاصمة البلجيكية بروكسل، يبرز تغيير ملموس، حيث تصبح المملكة المتحدة الدولة التي كانت عضواً بالتكتل منذ 1973، دولة خارج الاتحاد، كما سيغادر نوابها الـ73 المنتخبون في مايو/أيار الماضي، مقر المؤسسة التشريعية للقارة العجوز.

وسيتم تخصيص 46 من هذه المقاعد البرلمانية للدول الأعضاء في المستقبل، فيما ستتم إعادة توزيع المقاعد الـ27 المتبقية على الدول الأعضاء.

وانطلاقاً من الغد، تفقد لندن رسمياً الحق في تقديم مرشح لمنصب المفوض الأوروبي، وبالفعل، لم يكن هناك ممثل بريطاني في السلطة التنفيذية الأوروبية منذ الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 2019 ، حيث رفض رئيس الوزراء بوريس جونسون اقتراح اسم في المفوضية الجديدة. أيضاً لن تتم دعوة رئيس الحكومة البريطانية لحضور القمة الأوروبية، ولن يحضر أعضاء حكومته اجتماعات وزارية.

وستكون للبريطانيين أيضاً عملة معدنية جديدة قيمتها 50 بنساً صنعت خصيصاً بمناسبة الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، تحمل عبارة "السلام والرخاء والصداقة مع كل الأمم"، وتاريخ الخروج.

ووصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الجمعة، خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكست"، بـ"الصدمة" و"الإنذار التاريخي" لأوروبا بأكملها.

وقال ماكرون، في بيان صادر عن قصر الإليزيه الرئاسي، قبيل سويعات من خروج المملكة المتحدة نهائيا من التكتل، إن "هذا الخروج يشكل صدمة، ووهو إنذار تاريخي ينبغي أن يدوي في جميع بلداننا، وأن تسمعه أوروبا بأكملها، ويحثنا على التفكير".


وأضاف: "هذا البريكست ممكن لأننا جعلنا أوروبا، في كثير من الأحيان، كبش فداء لصعوباتنا الخاصة، ولأننا أيضا لم نغير أوروبا بما فيه الكفاية".

وتابع: "نحن بحاجة لأوروبا أكثر من أي وقت مضى، في مواجهة الصين أو الولايات المتحدة الأمريكية، للدفاع عن مصالحنا".

وشدد على ضرورة أن "نجعل أوروبا أكثر سيادة وديمقراطية، وأكثر قربا إلى مواطنينا، وبالتالي أكثر بساطة في حياتنا اليومية، وأن ننجح في بناء مشروع أوروبي أكثر وضوحا".

واستطرد قائلا: "إنه يوم حزين، دعونا لا نخفي ذلك، ولكنه يوم يجب أن يدفعنا أيضًا إلى القيام بذلك بطريقة مختلفة، أن نبني بمزيد من التصميم اتحادًا أوروبيًا قويًا وفعالًا يمكنه الإقناع بشكل أكبر".

ومتطرقا إلى مرحلة ما بعد "البريكست" ، والتي من المقرر أن تستمر حتى نهاية 2020، قال ماكرون: "طوال العام الجاري، سنعيش مرحلة انتقالية، وغدا لن يتغير شيء –عمليا- في علاقاتنا مع المملكة المتحدة"، في مسعى لطمأنة الجالية الفرنسية بالمملكة المتحدة، والبريطانية في فرنسا.

وتحدث ماكرون أيضًا عن المفاوضات حول العلاقة المستقبلية بين المملكة المتحدة والتكتل، مؤكدًا أن الاتحاد الأوروبي يجب أن "يظل موحدًا" بين دوله الـ27 المتبقية.

"شراكة" جديدة شدد الرئيس الفرنسي على أنه يريدها "قوية، ولكنني أريدها أيضًا أن تكون متطلبة لأني أريد حمايتكم (بلدان التكتل) والدفاع عنكم وحماية وحدة أوروبا التي لا غنى عنها".

وأعرب عن تمسكه الشديد بالمحافظة على "مصالحنا، أي مصالح الصيادين والمزارعين والصناعيين والباحثين والعمال والطلبة، ذلك طوال فترة المفاوضات.