في Monday 17 February, 2020

وزير خارجية مصر يكشف أسرار الساعات الأخيرة قبل توقيع اتفاق نهائي حول سد النهضة

قبل ساعات ما توقيع اتفاق نهائي حول سد النهضة، أكد سامح شكري وزير الخارجية أن مصر تتوقع وتنتظراتفاقا نهائيا عادلا حول سد النهضة يراعي مصالحها ويحمي حقوقها المائية. ويبعث برسالة طمأنة للشعب المصري. كما يراعي مصالح إثيوبيا والسودان. وذلك بعد الجولة الأخيرة من المفاوضات التي عقدت يومي 12 و13 فبراير الجاري بواشنطن.
أضاف شكري - في حوار مع وكالة أنباء الشرق الأوسط بواشنطن - إن المفاوضات انتهت وخلال الأسبوع القادم. حسبما أفاد به الجانب الأمريكي. سيطرح علي الدول الثلاث نص نهائي. ليعرض علي الحكومات ورؤساء الدول لاستخلاص مدي استعدادها لتوقيعه.
وأردف قائلا: "لدينا كل الثقة في أن علاقات الولايات المتحدة بالدول الثلاث والروابط الاستراتيجية القائمة بينها وبين مصر ستجعل المخرج من الجانب الأمريكي متوازناً وعادلاً وموضوعياً. مثمنا اهتمام الجانب الأمريكي خاصة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. بالإضافة إلي من كلف بالمهمة وهو أحد الأقطاب الرئيسية في الإدارة الأمريكية وزير الخزانة ستيفن منوشين. إلي جانب اهتمام وزير الخارجية مايك بومبيو لتأكيد اهتمام الإدارة الأمريكية بالتوصل لاتفاق.
وبشأن الموقف السوداني في هذه الجولة من المفاوضات. قال الوزير إنه كان هناك تطابق في موضوعات كثيرة في الموقف المصري والسوداني وهذا شيء متوقع نظرا للظروف المتماثلة المرتبطة بكونهما دولتي مصب وبالطبع في إطار العلاقة الخاصة التي تربط بين مصر والسودان.
أفاد الوزير أن الجولة السابقة من مفاوضات سد النهضة بواشنطن ركزت علي الجوانب الفنية المرتبطة بالاتفاق فيما يتعلق بملء وتشغيل سد النهضة والقواعد التي تحكم مجابهة الجفاف والسنين الشحيحة في الماء. وكان هناك اتفاق علي أنه تم الانتهاء من هذا الجزء وأصبح مغلقاً أمام المفاوضات.
وتابع إن الجولة الحالية انصبت علي النواحي القانونية المرتبطة بالاتفاق بما في ذلك التعريفات وآلية فض المنازعات وهيئة التبادل المعلوماتي والتنسيق فيما بين الدول الثلاث اتصالاً بتنفيذ الاتفاق وقواعد الملء والتشغيل والقضايا القانونية الأخري كالتصديق علي الاتفاق ودخوله حيز النفاذ وكيفية إجراء التعديل عليه.
ونوه شكري إلي أن الأسبوع الذي سبق الجولة التي ضمت الوزراء كان هناك الفنيون والقانونيون من الجانبين لطرح رؤيتهم إزاء هذه الموضوعات وبلورة الصيغ المضمنة في الاتفاق. ومنها أمور تم التوافق بشأنها بين الدول الثلاث ولكن بقيت مجموعة من القضايا المهمة محل اختلاف في الرؤي بين الدول الثلاث.
وأشار إلي أنه بعد التوصل إلي الاتفاق الفني. بدا جلياً أن هناك نظاماً محكماً في إطار ملء وتشغيل سد النهضة يأخذ في الاعتبار مصلحة مصر ويحمي مصالحها المائية وفي نفس الوقت يتيح لإثيوبيا الاستفادة الكاملة الاقتصادية من هذا المشروع الضخم.
ونبه إلي أن المشاورات التي عقدت بحضور وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوشين ومسئولي البنك الدولي جاءت في إطار الاستماع لرؤية الدول الثلاث إزاء هذه القضايا ومحاولة تقريب وجهات النظر فيما بينهم للوصول إلي الصيغة النهائية للاتفاق. وتحقق ذلك في بعض النواحي إلا أن هناك مجموعة من القضايا لم يتم الوصول إلي اتفاق بين الدول حولها. ولكن المداولات كانت كثيفة.
وتابع شكري: إن الجانب الأمريكي كان متلقياً للآراء من قبل الدول الأطراف وقرر في نهاية الجولة أن بمقدوره أن يطرح علي الدول الثلاث صيغة متكاملة تتضمن كافة العناصر وتصل لنقطة من المرونة وتراعي مصالح ورؤي الدول الثلاث بشكل متساو.
ولفت إلي أن موقف الراعي الأمريكي هنا أنه لن يعتد برؤية أي من الدول الثلاث بمفردها . ولكن سوف يصل إلي صيغة توفيقية تراعي الرؤية التي طرحت والمصلحة بقدر متساو من التنازل والمكاسب. علي أن تطرح هذه الرؤية الأمريكية والصيغة النهائية للاتفاق علي الدول الثلاث لإبداء مدي موافقتها عليها.
أشار شكري إلي أن الجانب الأمريكي ترك مجالا لبعض التدقيق البسيط في أمور غير جوهرية قد تؤدي إلي عقد جولة أخري وفقا للجدول الزمني المحدد للانتهاء من الاتفاقيات لضبط الصيغة النهائية في أمور جزئية. ومن المتوقع أن الصيغة التي ستطرحها الولايات المتحدة ورؤيتها لكيفية التعامل مع القضايا التي لم يصل فيها الأطراف لتوافق ستكون صيغة موضوعية وعادلة ومن وجهة النظر الأمريكية تراعي مصلحة الدول الثلاث بالتساوي وتؤدي للإقدام علي التوقيع.
أوضح أن هذه أمور جوهرية تحتاج إلي تلقي موافقة واضحة من الدول الثلاث علي الاستعداد للتوقيع وبالتالي تحديد الموعد والمكان وطبيعة مراسم التوقيع بشكل تتوافق عليه الدول الثلاث.
ذكر شكري أن هناك نقاطاً لها أهميتها لم يتفق حولها الأطراف ولكنهم طرحوا رؤيتهم إزاءها واستمع لها الجانب الأمريكي والبنك الدولي ولديهما رؤية في كيفية صياغة هذه العناصر بشكل يؤدي لتحقيق التوازن في المصالح والواجبات بالنسبة للدول الثلاث ويجد الشريك الأمريكي أن هذه الصيغة التي سيقدمها هي الصيغة العادلة التي يجب اعتمادها آخذا في الاعتبار مصالح الدول الأطراف.
أضاف شكري أن كل الأمور المرتبطة بالنواحي الفنية. مثل ملء وتشغيل السد. هي من النقاط التي اتفق عليها من الجولة الماضية وأغلق التفاوض حولها. بينما كافة الأمور العالقة هي أمور قانونية ما يخص فض المنازعات وتشكيل هيئة التنسيق والتعريفات المرتبطة بالمصطلحات الفنية والقانونية والتصديق ودخول الاتفاق حيز النفاذ.
نبه إلي أنه عندما يطرح الشريك الأمريكي والبنك الدولي الصيغة الكاملة للاتفاق بشقيه الفني والسياسي كمخرج نهائي سيتلقي استعداد الأطراف للتوقيع عليه مع إمكانية أن يكون هناك بعض الأمور الشكلية البسيطة التي تحتاج إلي تدقيق وضبط. وعلي استعداد في هذه الحالة لاستضافة جولة أخيرة لمراجعة شاملة للنص وليس للدخول في المفاوضات بل لضبط بعض القضايا الهامشية التي تحتاج إلي تناول مجمع بين الدول الثلاث.
أوضح شكري أن مفاوضات سد النهضة استغرقت نحو 5 سنوات تقريبا حتي الآن وهي مدة طويلة نظراً لتناول قضية بهذا القدر من الأهمية والتأثير علي شعوب الدول الثلاث. لكن في هذه المرحلة نحن بصدد تقييم الاتفاق النهائي. لافتا إلي أنه في إطار صدور هذا الاتفاق علي الأطراف أن ينظروا إلي هذا في ضوء المدة الطويلة التي استغرقتها المفاوضات والتي أتيح من خلالها تناول كل القضايا بدقة وتحليل واف.
أكد أننا وصلنا لنقطة نهائية يجب ألا تضيع من أيدينا لأنها تفتح مجالات ضخمة لتحقيق مصالح الشعوب الثلاثة والتعاون فيما بينها وفتح مجالات الاندماج السياسي والاقتصادي بينها وتضع معايير جديدة في التوصل إلي حلول سلمية تراعي مصالح هذه الدول بصورة متساوية وترسي قواعد قانونية محددة في هذا الصدد.
أشاد الوزير بما أظهره فريق وزارة الخزانة الأمريكية من قدرة فنية وقانونية وإدراك للأبعاد المختلفة علي المستوي الفني والقانوني وفي إطار منظومة المياه العابرة للحدود والأمثلة العديدة للتعامل مع هذه القضية.
ولفت شكري إلي أن انخراط الشريك الأمريكي واهتمامه بهذا الأمر علي أعلي مستوي وبالوصول إلي اتفاق والتوقيع عليه يؤدي إلي تحقيق الاستقرار في شرق أفريقيا وفيما بين الدول الثلاث. مؤكدا أننا مطمئنون وفقاً لهذه الرؤية حيث إن الصيغة الأمريكية تحظي بتأييد مصر التي كانت تسعي دائما لاتفاق موضوعي ومنصف يراعي مصالح الأطراف.