في Friday 10 March, 2023

واشنطن: التصعيد الإيراني آت إلى الشرق الأوسط

كتب : زواية عربية - متابعات

قبيل زيارة وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن إلى المنطقة الأسبوع الماضي تحدّث مسؤولون عن أن أوستن سيتحدث عن هذه القضية، وهو بالفعل ناقش هذه المسألة في كل من الأردن ومصر وإسرائيل والعراق، لكن تفاصيل المخاوف والتقديرات الأميركية لم تناقش في العلن.

مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية تحدّث إلى "العربية والحدث"، وطلب عدم نشر اسمه، أوضح أن المخاوف الأميركية تبدأ "من أن روسيا تملك برنامج فضاء متطوّر وإيران لديها طموحات في هذا المجال وتحاول تحقيق تقدّم".

وتحدثت إيران خلال شهر نوفمبر الماضي عن إطلاق صاروخ عالي السرعة، وكانت حاولت مرات عديدة من قبل، إطلاق صواريخ بعيدة المدى، وقالت إنها مخصصة لأغراض علمية. الأميركيون يعتبرون أن المحاولات الإيرانية هدفها هو تطوير عسكري، وليس إطلاق مسبار أو قمر اصطناعي.

يخشى الأمريكيون الآن أن تقدّم روسيا تقنيات وتدريب جديد للايرانيين، بما يسمح لهم ببناء صاروخ بالستي متطوّر ويستطيع حمل رأس نووي، وسيكون هذا بحدّ ذاته تطوّراً غير مسبوق، ويضع القوة الصاروخية الإيرانية في موضع يشبه كثيراً كوريا الشمالية، أن لم نقل روسيا والصين.

الهمّ الأمريكي التالي يتعلّق بالتقنيات الدفاعية الروسية، فإيران لا تملك قدرات جيّدة وتبدو أجواؤها مفتوحة للهجمات الصاروخية كما أن قواتها الجوية قديمة جداً.

يشير المسؤول في وزارة الأميركية إلى أن "روسيا تستطيع اتخاذ قرار بمكافأة إيران من خلال منحها تقنيات دفاعية متطورة أو أجهزة دفاع تملكها روسيا".

هذا القرار سيعطي النظام الإيراني مظلة تساهم في حماية أجوائه من هجوم صاروخي أو من قصف بالطيران، أكان هذا الطيران أمريكي أو إسرائيلي أو من أي دولة أخرى، وهذه المظلة وإن كانت غير كاملة تبقى برأي المسؤولين الأميركيين تحدياً.

السيناريوهات الأمريكية تشير إلى إولوية الحلّ الدبلوماسي للملف النووي الإيراني، لكن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تلوّح منذ أشهر بالقول إن واشنطن لن تسمح لإيران بحيازة قنبلة نووية، وتشير في بعض الأحيان إلى أن الخيارات موجودة.

الخيارات الموجودة تقوم على عملية تنخرط فيها الولايات المتحدة وربما تشارك فيها اسرائيل ودول اخرى وتستهدف المواقع النووية الإيرانية، وربما تشمل مراكز القيادة والسيطرة الإيرانية، وما نفهمه من الأميركيين الآن، إن تطوير الدفاعات الإيرانية بمساعدة روسية، سيجعل هذه العملية أكثر تعقيداً.

السيناريو الأقرب إلى المخاوف الأميركية هو أن "تشعر إيران بأنها أقوى، ولديها سند، وإن تعمد إلى إثارة الاضطرابات أو شنّ هجمات" بحسب المسؤول الأميركي.

لدى سؤاله إن كانت المخاوف الأمريكية تشمل هجمات صاروخية مباشرة من إيران على أراضي الدول الجارة كان الجواب "أرجو أن لا يحدث ذلك!"

وقامت الولايات المتحدة مع دول مجلس التعاون الخليجي بمشاورات واسعة الشهر الماضي، وشملت هذه المشاورات تحسين الدفاعات الجوية والبحرية، وتهدف هذه الإجراءات إلى تعويض النقص في إعداد وعتاد القوات الأميركية المنتشرة في المنطقة، ومن جهة أخرى لتطوير الاتصالات بين الأنظمة العديدة على إراضي هذه الدول المختلفة.

سبق لإيران إن استعملت القصف الصاروخي ضد الدول الجارة كما أن الحرس الثوري الإيراني قام بعمليات ضد السفن في مياه الخليج العربي، وشعور إيران بالقوة يضع هذا الخيار مرة أخرى على طاولة القرار في طهران.

الترجيحات الأعلى تشير إلى أن "إيران ستعمد إلى الحرب بالوكالة مرة أخرى" فالميليشيات الموالية لإيران تنتشر من العراق إلى سوريا إلى لبنان بالإضافة إلى الحوثيين في اليمن، وقد عملت هذه الميليشيات، بالنيابة عن طهران، على إثارة الاضطرابات، وقد شنّت هذه الميليشيات هجمات على الجنود الأميركيين المنتشرين في العراق وفي شمال شرق سوريا وفي التنف.

وحاولت الولايات المتحدة الأمريكية في بداية العام 2021 إيصال رسالة واضحة إلى الميليشيات التابعة لإيران بأنها ستردّ على أي اعتداء، وشهدنا عمليات قصف على مقراتها في العراق قرب الحدود مع سوريا وفي داخل سوريا إيضاً.

وتمكّن الأمريكيون من تفادي تصعيد الموقف مع هذه الميليشيات على رغم تكرار الهجمات، هذه المرة تخشى الحكومة الأميركية من تصعيد غير واضح المسار ولا يعرف الأمريكيون أين يتوقّف، وتتركز المخاوف الأميركية على مهاجمة الميليشيات التابعة لإيران للجنود الأميركيين المنتشرين في العراق وسوريا.

ويؤكد الأمريكيون أن جنودهم موجودين على أراضي الدولتين لمنع عودة داعش، ومساعدة القوات العراقية على مكافحة عناصر وشبكات التنظيم الذين ما زالوا ناشطين في محافظات عديدة من البلاد، فيما ينتشر حوالي 1000 عنصر من القوات الأميركية في منطقة شمال شرق سوريا إلى جانب قوات سوريا الديموقراطية وفي التنف مع قوات مغاوير الثورة.

هذه المرّة يرى الأميركيون أن جنودهم سيكونون أكثر عرضة للتهديدات، ويخشون أن تؤدّي أية هجمات على الجنود في العراق بوقوع خسائر في صفوفهم، في حين تتراجع الثقة الأميركية بالحكومة في بغداد وفي قدراتها على منع الهجمات.

يبدو التقدير الأمريكي أكثر تفاؤلاً عند الحديث عن شمال شرق سوريا والتنف، فالميليشيات ليست منتشرة على الاراضي ذاتها مع الجنود الأمريكيين، على عكس العراق، حيث يستطيع عناصر الحشد الشعبي من الاقتراب من القواعد حيث ينتشر الأمريكيون، كما يستطيعون التسبب بشلل في الحكومة واضطرابات أمنية في بغداد أو محافظات أخرى بسبب وجود الجنود الأمريكيين.

من الممكن استشعار قلق أمريكي من المرحلة المقبلة في الشرق الأوسط، فإدارة الرئيس الأميركي اعتبرت أن المحافظة على الاستقرار في المنطقة هدف أساسي لسياستها وسعت منذ اليوم الأول لوصوله إلى البيت الأبيض على تهدئة الأطراف ومنع أي مواجهة بين هذه الدول وإيران وبين القوات الأميركية من جهة والإيرانيين وميليشياتهم من جهة أخرى.

الآن يبدو الموقف أكثر حرجاً، فالأمريكيون لم يتمكنوا من فرض معادلة "الردع" على إيران وباتوا يخشون أكثر التصعيد من طهران وميليشياتها، كما يخشون تحوّل إيران إلى دولة إقليمية تشكل تهديداً للأمن العالمي.