في Wednesday 3 June, 2020

جزء من كنز..

وثائق تنشر لأول مرة تكشف كيف أخفت «هواوي» نشاطها في إيران

كتب : زوايا عربية - متابعات

وثائق داخلية جديدة من شركة هواوي تكنولوجيز الصينية حصلت عليها رويترز كشفت أن الشركة سعت للتستر على علاقتها بشركة سبق أن حاولت بيع معدات كمبيوتر أميركية محظورة لإيران، وذلك بعد أن نشرت رويترز تقريراً في 2013 عن وجود روابط عميقة بين تلك الشركة والمديرة المالية لشركة معدات الاتصال الصينية العملاقة.

ومنذ مدة طويلة تصف هواوي الشركة، واسمها سكاي كوم تك المحدودة، بأنها شريك محلي منفصل في إيران. والآن تبين وثائق حصلت عليها رويترز أن الشركة الصينية العملاقة تسيطر سيطرة فعلية على سكاي كوم.

كما أن هذه هي أول مرة ينشر فيها شيء عن هذه الوثائق التي تمثل جزءاً من كنز اطلعت عليه رويترز من السجلات الداخلية الخاصة بنشاط هواوي وسكاي كوم المتعلق بإيران وتشمل مذكرات ورسائل واتفاقيات تعاقدية.

وتصف إحدى الوثائق كيف سارعت هواوي في أوائل عام 2013 إلى محاولة أن تنأى بنفسها عن سكاي كوم انطلاقاً من قلقها بسبب العقوبات التجارية على طهران.

سلسلة من الخطوات
إلى ذلك تبين الوثائق أن هواوي اتخذت لتحقيق تلك الغاية سلسلة من الخطوات، بما في ذلك تغيير المديرين بشركة سكاي كوم وإغلاق مكتب سكاي كوم في طهران وإنشاء كيان آخر في إيران لتولي تنفيذ عقود بعشرات الملايين من الدولارات.

ومن الممكن أن يؤيد ما كشفت عنه تلك الوثائق قضية جنائية حظيت بدعاية إعلامية واسعة تلاحق فيها السلطات الأميركية هواوي ومديرتها المالية منغ وان تشو وهي أيضاً ابنة مؤسس هواوي.

كما تسعى الولايات المتحدة لتسلم منغ من كندا حيث ألقي القبض عليها في ديسمبر/كانون الأول 2018. وفي الأسبوع الماضي سمح قاض كندي بمواصلة نظر القضية ورفض دفوع محامي الدفاع بأن الاتهامات الأميركية الموجهة لمنغ لا تمثل جرائم في كندا.

وتقول قائمة الاتهام الأميركية إن هواوي ومنغ شاركتا في خطة تقوم على الاحتيال للحصول على بضائع وتكنولوجيا أميركية ممنوعة لنشاط هواوي في إيران عن طريق شركة سكاي كوم ونقل المال من إيران وذلك بالاحتيال على أحد البنوك الكبرى.

إلى ذلك تصف قائمة الاتهام شركة سكاي كوم بأنها "وحدة تابعة غير رسمية" لشركة هواوي وليست شريكاً محلياً.

هواوي تنفي
وتنفي هواوي ومنغ الاتهامات الجنائية التي تتضمن الاحتيال المصرفي واتهامات أخرى. وفي 2017 تم حل شركة سكاي كوم التي كانت مسجلة في هونغ كونغ. وقد وجهت إليها اتهامات أيضاً. وتوضح بيانات إفصاح أن هواوي كانت في فترة من الفترات من المساهمين في سكاي كوم لكنها باعت حصتها منذ أكثر من عشر سنوات.

ويبدو أن الوثائق التي تم الحصول عليها مؤخراً تهدم ادعاءات هواوي بأن سكاي كوم كانت مجرد شريك أعمال. وتتيح تلك الوثائق إلقاء نظرة عن كثب على بعض ما جرى للشركتين من وقائع داخل إيران قبل سبع سنوات ومدى التداخل بينهما. وبعض هذه الوثائق مكتوب باللغة الإنجليزية وبعضها بالصينية والبعض الآخر باللغة الفارسية.

وامتنعت هواوي عن التعليق في هذا التقرير.

وقالت وزارة الخارجية الصينية إن "الولايات المتحدة تضفي طابعاً سياسياً على قضايا اقتصادية وتجارية وهو ما ليس في صالح الشركات الصينية أو الأميركية"، بحسب تعبيرها، مضيفة: "نحن نحث الولايات المتحدة على التوقف على الفور عن إعاقة الشركات الصينية بما فيها هواوي". وأحالت الأسئلة المحددة فيما يتعلق بهذا التقرير على شركة هواوي.

"علاقة عمل عادية"
في مارس/آذار نشرت رويترز تقريراً جاء فيه أن هواوي أبرزت في 2010 سجلات داخلية للشركة أظهرت أنها طرف مباشر في عملية إرسال معدات كمبيوتر أميركية محظورة إلى إيران. وامتنعت هواوي عن التعليق في هذا التقرير استناداً إلى أن الأمر يخضع لإجراءات قانونية.

وتوضح الوثائق أن جهود هواوي لطمس علاقتها بشركة سكاي كوم بدأت بعد أن ذكرت رويترز في ديسمبر/كانون الأول 2012 أن سكاي كوم عرضت بيع ما قيمته 1.3 مليون يورو على الأقل من معدات الكمبيوتر المحظورة من إنتاج شركة هيوليت باكارد إلى أكبر شركة لاتصالات الهاتف المحمول في إيران في أواخر 2010.

في يناير/كانون الثاني 2013، وصف تقرير آخر من رويترز كيف كان لهواوي علاقات مالية وثيقة وروابط أخرى مع شركة سكاي كوم، بما في ذلك شغل منغ منصب أحد أعضاء مجلس إدارة سكاي كوم في الفترة من فبراير/شباط 2008 إلى أبريل/نيسان 2009.

وفي رد شركة هواوي على تقارير رويترز في ذلك الوقت، قالت إن سكاي كوم من شركائها المحليين الرئيسيين وإن العلاقة بين سكاي كوم وهواوي "علاقة عمل عادية".

"تسيطر على سكاي كوم"
غير أن وثيقة داخلية جديدة حصلت عليها رويترز تخص هواوي وصادرة من مكتب الشركة الصينية في إيران بتاريخ 28 مارس/آذار 2013 تشير إلى أن هواوي كانت تسيطر على سكاي كوم.

وقالت الوثيقة باللغة الصينية: "بسبب الامتثال لقواعد تجارية يحاول المكتب التمثيلي في ايه2 الفصل بين سكاي كوم وهواوي". وايه2 هو الاسم الرمزي لإيران في مراسلات هواوي وفقاً لما ورد في قائمة الاتهام الأميركية.

كما أشارت الوثيقة إلى أن هواوي كلفت واحداً من العاملين فيها بإدارة سكاي كوم في إيران "لكي تتجنب بصفة عاجلة مخاطر الدعاية الإعلامية". وأوضحت أن هواوي اتخذت "قراراً عاجلاً" بتعيين هو مي مديراً عاماً لشركة سكاي كوم في إيران اعتباراً من العاشر من مارس/آذار 2013.

وكان هو مديراً في سكاي كوم كما ورد في سجل داخلي بأسماء العاملين بشركة هواوي أنه من موظفيها.

"موظف صيني من العاملين في إيران"
كما ذكرت الوثيقة بالتفصيل كيف اكتشفت هواوي بسرعة خطأ تعيين هو مسؤولاً عن إدارة شركة سكاي كوم. وأوضحت أن هو كان يعمل بمقر هواوي في الصين وأن وظيفته الجديدة تتطلب التعامل مع أمور على الطبيعة في إيران.

لذلك قررت هواوي، بحسب ما بينت الوثيقة، أن تعين بدلاً منه "موظفاً صينياً من العاملين في إيران" لإدارة مكتب سكاي كوم في طهران.

قررت هواوي تعيين سونغ كاي نائب ممثلها في مكتبها بإيران لإدارة سكاي كوم في إيران. وتم إبلاغه بهذا القرار في رسالة داخلية من هواوي اطلعت عليها رويترز. وقيل له: "رجاء تحديث بياناتك".

وقالت الرسالة إن هذا التعديل وافق عليه رجل اسمه لان يون تم تعريفه بأنه "الممثل الرئيسي" في مكتب هواوي في إيران.

ولم يتسن الاتصال بالثلاثة هو وسونغ ولان للتعليق على هذا التقرير.

عرض باوربوينت
رداً على التقارير التي نشرتها رويترز في 2012 و2013 استفسرت عدة بنوك غربية من هواوي عن علاقتها بشركة سكاي كوم. ومن هذه البنوك بنك أتش.إس.بي.سي حيث لشركتي هواوي وسكاي كوم حسابات فيه.

وامتنع إتش.إس.بي.سي عن التعليق في هذا التقرير.

في أغسطس/آب 2013، التقت منغ بنائب رئيس البنك للعمليات المصرفية العالمية في منطقة آسيا والمحيط الهادي. وهي متهمة في عريضة الاتهام الأميركية بتقديم معلومات خاطئة عديدة فيما يتعلق بملكية هواوي لسكاي كوم وسيطرتها عليها.

وقدمت منغ عرضاً باستخدام برنامج باوربوينت خلال ذلك الاجتماع جاء فيه أن سكاي كوم مجرد "شريك عمل لهواوي".

إنهاء نشاط سكاي كوم
كما تبين الوثائق التي حصلت عليها رويترز حديثاً أن هواوي سرعان ما أصبحت طرفاً مباشراً في عملية إنهاء نشاط سكاي كوم.

وفي رسالة بتاريخ الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني 2013، قال سونغ الموظف في هواوي الذي عين لإدارة سكاي كوم لأحد كبار عملاء الشركة الإيرانيين إن سكاي كوم "قررت إلغاء أنشطة أعمالها وإنهائها وحل الشركة الفرعية في إيران".

كانت رسالة سونغ موجهة إلى نائب رئيس شركة إيران للاتصالات المحمولة (إم.سي.سي.آي) أكبر شركات اتصالات الهاتف المحمول في البلاد. ولم يتسن الاتصال بشركة الاتصالات الإيرانية للتعليق.

حوالي 50 مليون دولار
وفي اليوم التالي وقعت سكاي كوم وإم.سي.سي.آي وشركة جديدة تابعة لهواوي هي شركة هواوي تكنولوجيز سيرفي الإيرانية المحدودة اتفاقاً. ونص الاتفاق على أن سكاي كوم تعتزم نقل تعاقداتها للكيان الجديد التابع لهواوي.

إلى ذلك وردت في الاتفاق قائمة بثمانية عقود قيمتها الإجمالية نحو 44.6 مليون يورو (حوالي 50 مليون دولار) وأن المبلغ المتبقي 34.6 مليون يورو على أن تسدد أي مبالغ مستحقة لسكاي كوم للكيان الجديد عند استكمال التعاقدات.

وأضاف الاتفاق: "تتعهد كل الأطراف بأن يظل هذا العقد الثلاثي طي الكتمان".